قوله : { إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ } : العامَّةُ على كسرِ " إنْ " على أنها شرطيةٌ ، والجوابُ محذوفٌ عند الجمهور لدلالةِ قولِه : " فَلَعَلَّكَ " ، وعند غيرِهم هو جوابٌ متقدمٌ . وقُرِئ : " أَنْ لم " بالفتح على حَذْفِ الجارِّ ، أي : لأَِنْ لم يؤمنوا " .
وقُرئ " باخِعُ نَفْسِكَ " بالإِضافة ، والأصل النصبُ . وقال الزمخشري : " وقُرئ " باخع نفسك " على الأصل ، وعلى الإِضافة . أي : قاتلها ومهلكها ، وهو للاستقبال فيمَنْ قرأ " إنْ لم يُؤمنوا " ، وللمضيِّ فيمن قرأ " أن لم تُؤْمنوا " بمعنى : لأَِنْ لم يؤمنوا " . قلت : يعني أنَّ باخِعاً للاستقبالِ في قراءةِ كسرِ " إنْ " فإنها شرطيةٌ ، وللمضيِّ في قراءةِ فتحها ، وذلك لا يجئُ إلا في قراءةِ الإِضافةِ إذ لا يُتَصَوَّر المُضِيُّ مع النصبِ عند البصريين . وعلى هذا يَلْزم أن لا يَقرأ بالفتح إلا مَنْ قرأ بإضافةِ " باخع " ، ويُحتاج في ذلك إلى نَقْلٍ وتوقيف .
ولعلَّك " قيل : للإِشفاق على بابها . وقيل : للاستفهام ، وهو رأي الكوفيين . وقيل : للنهي أي : لا تَبْخَعْ .
والبَخْعُ : الإِهلاك . يقال : بَخَع الرجُل نفسَه يَبْخَعُها بَخْعاً وبُخُوعاً ، أهلكها وَجْداً . قال ذو الرمة :
ألا أيُّهذا الباخعُ الوجدُ نفسَه *** لِشَيْءٍ نَحَتْه عن يديه المَقادِرُ
يريد : نَحَّته بالتشديد ، فخفَّف . / قال الأصمعي : " كان يُنْشِده : " الوجدَ " بالنصب على المفعولِ له ، وأبو عبيدةَ رواه بالرفع على الفاعلية ب " الباخع " .
وقيل : البَخْعُ : أن تُضْعِفَ الأرضَ بالزراعة . قاله الكسائي : وقيل : هو جَهْدُ الأرضِ ، وفي حديثِ عائشةَ رضي الله عنها ، عن عمر : " بَخَعَ جَهْدُ الأرضِ " تعني جَهَدَها حتى أَخَذَ ما فيها من أموالِ ملوكِها ، وهذا استعارةٌ ، ولم يُفَسِّرْه الزمخشري : هنا بغير القَتْلِ والإِهلاك . وقال في سورة الشعراء : " والبَخْعُ " . أن يَبْلُغَ بالذَّبْحِ البِخاه بالباء ، وهو عِرْقٌ مستبطنُ الفقار ، وذلك أقصى حَدَّ الذابحِ " . انتهى . وسمعت شيخنا علاء الدين القُوْنِيِّ يقول : " تتَّبْعتُ كتبَ الطِّبِّ والتشريحِ فلم أجدْ لها أصلاً " . قلت : يُحتمل أنهم لمَّا ذكروه سَمَّوْه باسمٍ آخرَ لكونِه أشهرَ فيما بينهم .
وقال الراغب : " البَخْعُ : قَتْلُ النفسِ غَمَّاً " . ثم قال : " وبَخَعَ فلانٌ بالطاعةِ ، وبما عليه من الحقِّ : إذا أَقَرَّ به وأَذْعَنَ مع كراهةٍ شديدةٍ ، تجري مَجْرَى بَخْعِ نفسِه في شِدَّتِه " .
وقوله : " على آثارِهم " متعلقٌ ب " باخعٌ " ، أي : مِنْ بعد هلاكِهم .
قوله : أَسَفَاً " يجوز أن يكونَ مفعولاً من أجله والعامل فيه " باخعٌ " ، وأن يكونَ مصدراً في موضعِ الحال من الضميرِ في " باخعٌ " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.