الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{فَأَتَتۡ بِهِۦ قَوۡمَهَا تَحۡمِلُهُۥۖ قَالُواْ يَٰمَرۡيَمُ لَقَدۡ جِئۡتِ شَيۡـٔٗا فَرِيّٗا} (27)

قوله : { فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ } : " به " في محلَِّ نصبٍ على الحالِ مِنْ فاعل " أَتَتْ " ، أي : أتَتْ مصاحِبَةً له نحو : جاء بثيابِه ، أي : ملتبساً بها . ويجوز أَنْ تكونَ الباءُ متعلِّقةً بالإِتيان . وأمَّا تَحَمُّلُه فيجوز أن يكونَ حالاً ثانية مِنْ فاعل " أَتَتْ " . ويجوز أَنْ يكونَ حالاً من الهاء في " به " . وظاهرُ كلام أبي البقاء أنها حالٌ من ضمير مريم وعيسى معاً وفيه نظرٌ .

قوله : " شيئاً " مفعولٌ به ، أي : فَعَلْتِ . أو مصدرٌ ، أي : نوعاً من المجيء فَرِيَّاً . والفَرِيُّ : العظيم من الأمر ، يقالُ في الخير والشرِّ . وقيل : الفَرِيُّ : العجيب . وقيل المُفْتَعَلُ . ومن الأول : الحديثُ في وصفِ عمرَ رضي الله عنه : فلم أرَ عبقَرِيَّاً يَفْرِيْ فَرْيَّة " . والفَرْيُ : قَطْعُ الجِلْدِ للخَرْزِ والإِصلاح . والإِفراء : إفسادُه . وفي المثل : جاء يَفْري الفَرِيَّ ، أي : يعمل العملَ العظيم . وقال :

فَلأَنْتَ تَفْرِيْ ما خَلَقْتَ وبَعْ *** ضُ القومِ يَخْلُقُ ثم لا يَفْري

وقرأ أبو حيوة فيما نَقَل عنه ابن خالويه " فَرِيْئاً " بالهمز . وفيما نقل ابن عطية " فَرْياً " بسكون الراء .