قوله تعالى : { وَإِنَّ اللَّهَ } : قرأ ابن عامرٍ والكوفيون " وإنَّ " بكسر " إنَّ " على الاستئناف ، ويؤيِّدها قراءةُ أُبَيّ { إِنَّ اللَّهَ } بالكسر دون واو .
وقرأ الباقون بفتحها ، وفيها أوجهٌ ، أحدُها : أنها على حَذْفِ حرفِ الجرِّ متعلِّقاً بما بعده ، والتقدير : ولأنَّ اللهَ ربي وربُّكم فاعبُدوه ، كقوله تعالى :
{ وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ اللَّهِ أَحَداً } [ الجن : 18 ] والمعنى لوَحْدانيَّته أَطِيْعوه . وإليه ذهب الزمخشري تابعاً للخليل وسيبويه .
الثاني : أنها عطفٌ على " الصلاةِ " والتقدير : وأوصاني بالصلاةِ وبأنَّ اللهَ . وإليه ذهب الفراء ، ولم يذكر مكيٌّ غيرَه . ويؤيِّده ما في مصحف أُبَيّ " وبأنَّ اللهَ ربي " بإظهار الباءِ الجارَّة . وقد استُبْعِد هذا القولُ لكثرةِ الفواصلِ بين المتعاطفَيْن . وأمَّا ظهورُ الباءِ في مصحفِ أَُبَيّ فلا يُرَجِّحُ هذا لأنها باءُ السببيةِ ، والمعنى : بسبب أنَّ الله ربي وربُّكم فاعبُدوه فهي كاللام .
الثالث : أَنْ تكونَ " أنَّ " وما بعدها نَسَقاً على " أمراً " المنصوبِ ب " قَضَى " والتقدير : وإذا قضى أمراً ، وقضى أنَّ اللهَ ربي وربُّكم . ذكر ذلك أبو عبيدة عن أبي عمرو بن العلاء . واستبعد الناسُ صحةَ هذا النقلِ عن أبي عمرو ؛ لأنَّه من الجلالةِ في العِلْم والمعرفة بمنزلٍ يمنعُه من هذا القولِ ؛ وذلك لأنَّه إذا عَطَفَ على " أمراً " لزم أن يكونَ داخلاً في حَيِّز الشرطِ ب " إذا " ، وكونُه تبارك وتعالى ربُّنا لا يتقيَّد بشرطٍ البتةَ ، بل هو ربُّنا على الإِطلاق . ونسبوا هذا الوهمَ لأبي عبيدةَ كان ضعيفاً في النحو ، وعَدُّوا له غَلَطاتٍ ، ولعلَّ ذلك منها .
الرابع : أَنْ يكونَ في محلِّ رفعٍ خبرِ ابتداءٍ مضمرٍ ، تقديرُه : والأمرُ أنَّ الله ربي وربُّكم . ذُكِر ذلك عن الكسائي ، ولا حاجةَ إلى هذا الإِضمارِ .
الخامس : أَنْ/ يكونَ في محلِّ نصبٍ نَسَقاً على " الكتاب " في قولِه " قال : إني عبد الله آتاني الكتابَ " على أن يكونَ المخاطَبُ بذلك معاصِرِي عيسى عليه السلام ، والقائلُ لهم ذلك عيسى . وعن وَهْب : عَهِدَ إليهم عيسى أنَّ اللهَ ربي وربُّكم . قال هذا القائل : ومَنْ كسرَ الهمزةَ يكون قد عَطَفَ { إِنَّ اللَّهَ } على قوله " إني عبدُ الله " فهو داخِلٌ في حَيِّز القولِ . وتكون الجملُ من قوله { ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ } إلى آخرها جملَ اعتراض ، وهذا من البُعْدِ بمكانٍ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.