الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{بَلۡ نَقۡذِفُ بِٱلۡحَقِّ عَلَى ٱلۡبَٰطِلِ فَيَدۡمَغُهُۥ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٞۚ وَلَكُمُ ٱلۡوَيۡلُ مِمَّا تَصِفُونَ} (18)

قوله : { فَيَدْمَغُهُ } : العامَّةُ على رفع الغين نَسَقاً على ما قبله . وقرأ عيسى بن عمر بنصبِها . قال الزمخشري : " وهو في ضَعْفِ قولِه :

سأَتْركُ منزلي لبني تميمٍ *** وألحقُ بالحجازِ فَأَسْتَريحا

وقرىء شاذاً " فيَدْمُغُه " بضمِّ الميم ، وهي محتملةٌ لأن يكونَ في المضارع لغتان : يَفْعَلُ ويَفْعُل ، وأن يكونَ الأصلُ الفتحَ ، والضمة للإِتباع في حرف الحلق . ويدمغه : أي يصيب دماغه ، من قولهِم دَمَغْتُ الرجلَ أي : ضَرَبْتُه في دماغِه كقولهم رَأَسَه وكَبَده ورَجَله ، إذا أصاب منه هذه الأعضاءَ .

قوله : { مِمَّا تَصِفُونَ } فيه أوجهٌ ، أحدُها : أنه متعلقٌ بالاستقرار الذي تَعَلَّق به الخبرُ أي : استقرَّ لكم الويلُ من أجلِ ما تَصِفُون . و " مِنْ " تعليليَّةٌ . وهذا وجهٌ وجيهٌ . الثاني : أنه متعلقٌ بمحذوفٍ ، والثالث : أنه حالٌ من الويلِ أي : الويلُ واقعاً مِمَّا تَصِفون ، كذا قَدَّره أبو البقاء . و " ما " في { مِمَّا تَصِفُونَ } يجوز أَنْ تكونَ مصدريةً فلا عائدَ عند الجمهورِ ، وأن تكونَ بمعنى الذي ، أو نكرةً موصوفةً ولا بُدَّ من العائد ، عند الجميع ، حُذِف لاستكمالِ الشروطِ .