محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{بَلۡ نَقۡذِفُ بِٱلۡحَقِّ عَلَى ٱلۡبَٰطِلِ فَيَدۡمَغُهُۥ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٞۚ وَلَكُمُ ٱلۡوَيۡلُ مِمَّا تَصِفُونَ} (18)

{ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } .

{ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ } إضراب عن اتخاذ اللهو عن إرادته . وتنزيه منه لذاته العلية كأنه قال : سبحاننا أن نتخذ اللهو واللعب أو نريده ، بل من شأننا أن ندحض الباطل بالحق { فَيَدْمَغُهُ } أي يمحقه بالكلية كما فعلنا بأهل القرى المحكية { فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ } أي هالك بالكلية . وقد استعير لإرسال الحق على الباطل ( القذف ) الذي هو الرمي الشديد بالجرم الصلب كالصخرة . ولمحقه للباطل ( الدمغ ) الذي هو كسر الشيء الرخو الأجوف . وهو الدماغ بحيث يشق غشاءه المؤدي إلى زهوق الروح ، استعارة تصريحية تبعية . ويصح أن يكون تمثيلا لغلبة الحق على الباطل حتى يذهبه ، برمي جرم صلب على رأس دماغها رخو ليشقه ، وذكر : { فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ } لترشيح المجاز . لأن من رمى فدمغ تزهق روحه . فهو من لوازمه . قال أبو السعود : وفي ( إذا ) الفجائية والجملة الاسمية من الدلالة على كمال المسارعة في الذهاب والبطلان ، ما لا يخفى . فكأنه زاهق من الأصل وفي الآية إيماء إلى علو الحق وتسفل الباطل . وأن جانب الأول باق والثاني فان { وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ } أي مما تصفونه به من اتخاذ الولد ونحوه ، مما تتنزه عظمته عنه .