الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَٱلۡقَوَٰعِدُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ ٱلَّـٰتِي لَا يَرۡجُونَ نِكَاحٗا فَلَيۡسَ عَلَيۡهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعۡنَ ثِيَابَهُنَّ غَيۡرَ مُتَبَرِّجَٰتِۭ بِزِينَةٖۖ وَأَن يَسۡتَعۡفِفۡنَ خَيۡرٞ لَّهُنَّۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (60)

قوله : { وَالْقَوَاعِدُ } : جمع " قاعِد " من غيرِ تاءِ تأنيثٍ . ومعناه : القواعدُ عن النكاحِ ، أو عن الحيضِ ، أو عن الاستمتاعِ ، أو عن الحَبَل ، أو عن الجميع . ولولا تَخَصُّصُهُنَّ بذلك لوَجَبَتِ التاءُ نَحو : ضارِبة وقاعِدة من القعود المعروف . وقوله : { مِنَ النِّسَآءِ } وما بعدَه بيانٌ لهن و " القواعدُ " مبتدأٌ . و " من النساء " حالٌ و " اللاتي " صفةٌ للقواعد لا للنساء . وقوله : { فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ } الجملةُ خبرُ المبتدأ ، وإنما دَخَلَتْ لأَنْ المبتدأَ موصوفٌ بموصول ، لو كان ذلك الموصولُ مبتدأً لجاز دخولُها في خبرِه ، ولذلك مَنَعْتُ أَنْ تكونَ " اللاتي " صفةً للنساء ؛ إذ لا يبقى مسوِّغٌ لدخولِ الفاءِ في خبر المبتدأ . وقال أبو البقاء : " ودَخَلَتْ الفاءُ لِما في المبتدأ من معنى الشرطِ ؛ لأنَّ الألفَ واللامَ بمعنى الذي " . وهذا مذهب الأخفش ، وتقدم تحقيقُه في المائدة . ولكن هنا ما يُغْني عن ذلك : وهو ما ذَكَرْتُه من وصفِ المبتدأ بالموصولِ المذكورِ .

و { غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتِ } حالٌ مِنْ " عليهنَّ " . والتبرُّجُ : الظهورُ ، مِن البُرْج : وهو البناءُ الظاهرُ . و " بزينةٍ " متعلقٌ به .

قوله : { وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ } مبتدأٌ بتأويل : استعفافُهن ، و " خيرٌ " خبرُه .