غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَٱلۡقَوَٰعِدُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ ٱلَّـٰتِي لَا يَرۡجُونَ نِكَاحٗا فَلَيۡسَ عَلَيۡهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعۡنَ ثِيَابَهُنَّ غَيۡرَ مُتَبَرِّجَٰتِۭ بِزِينَةٖۖ وَأَن يَسۡتَعۡفِفۡنَ خَيۡرٞ لَّهُنَّۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (60)

51

ثم بين حكم النساء اللواتي خرجن عن محل الفتنة والتهمة فقال : { و القواعد } وهي جمع " قاعد " بغير هاء كالحائض والطالق ، وقد زعم صاحب الكشاف لها أنها جمع قاعدة بالهاء وفيه نظر لأنه من أوصاف النساء الخاصة بهن ، سميت بذلك لقعودها عن الحيض والولد لكبرها ولذلك أكد بقوله { اللاتي لا يرجون نكاحاً } أي لا يطمعن فيه لعدم من يرغب فيهن وليست من القعود بمعنى الجلوس حتى يحتاج إلى الفرق بين المذكر والمؤنث ، ولا شبهة أنه لا يحل لهن وضع كل ثيابهن لما فيه من كشف كل عورة فلذلك قال المفسرون : المراد بالثياب ههنا الجلباب والرداء والقناع الذي فوق الخمار . وعن ابن عباس أنه قرأ { أن يضعن جلابيبهن } وعن السدي عن شيوخه يضعن خمرهن عن رؤوسهن ، خصهن الله تعالى بذلك لأن التهمة مرتفعة عنهن وقد بلغن هذا المبلغ ، فلو غلب على ظنهن خلاف ذلك لم يحل لهن وضع شيء من الثياب الظاهر ، وإنما أبيح وضع الثياب حال كونهن { غير متبرجات بزينة } أي غير مظهرات شيئاً من الزين الخفية المذكورة في قوله { ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن } أو غير قاصدات بالوضع التبرج ولكن التخفف إذا احتجن إليه . وحقيقة التبرج تكلف إظهار ما يجب إخفاؤه من قوله " سفينة بارج لا غطاء عليها " . والبرج سعة العين يرى بياضها محيطاً بسوادها لا يغيب منه شيء . واختص التبرج في الاستعمال بتكشف المرأة للرجال . وحين ذكر الجائز عقبه بالمستحب تنبيهاً على اختيار الأفضل في كل باب فقال { وأن يستعففن خير لهن } وذلك أنهن في الجملة مظنة شهوة وفتنة وإن عرض عارض الكبر والنحول فلكل ساقطة لاقطة . وسئل بعض الظرفاء المذكورين عن حكمة تستر النساء فقال : لأنهن محل فتنة وشهوة فقيل : فعلى هذا كان ينبغي أن لا يحسن تكليف العجائز بالتستر فأجاب بأنه كان يلزم إذ ذاك مصيبتان : أحدهما عدم رؤية الحسان ، والثانية لزوم رؤية القباح .

/خ64