الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَٱلۡقَوَٰعِدُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ ٱلَّـٰتِي لَا يَرۡجُونَ نِكَاحٗا فَلَيۡسَ عَلَيۡهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعۡنَ ثِيَابَهُنَّ غَيۡرَ مُتَبَرِّجَٰتِۭ بِزِينَةٖۖ وَأَن يَسۡتَعۡفِفۡنَ خَيۡرٞ لَّهُنَّۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٞ} (60)

القاعد : التي قعدت عن الحيض والولد لكبرها { لاَ يَرْجُونَ نِكَاحاً } لا يطمعن فيه : والمراد بالثياب الظاهرة كالملحفة والجلباب الذي فوق الخمار { غَيْرَ متبرجات بِزِينَةٍ } غير مظهرات زينة ، يريد : الزينة الخفيفة التي أرادها في قوله : { وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ } [ النور : 31 ] أو غير قاصدات بالوضع التبرج ، ولكن التخفف إذا احتجن إليه . والاستعفاف من الوضع خير لهنّ لما ذكر الجائز عقبه بالمستحب ، بعثاً منه عن اختيار أفضل الأعمال وأحسنها ، كقوله : { وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ للتقوى } [ البقرة : 237 ] ، { وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ } [ البقرة : 280 ] .

فإن قلت : ما حقيقة التبرج ؟ قلت : تكلف إظهار ما يجب إخفاؤه من قولهم : سفينة بارج ، لا غطاء عليها . والبرج : سعة العين ، يرى بياضها محيطاً بسوادها كله لا يغيب منه شيء ، إلاّ أنه اختصّ بأن تتكشف المرأة للرجال بإبداء زينتها وإظهار محاسنها . وبدأ ، وبرز بمعنى : ظهر ، من أخوات : تبرج وتبلج ، كذلك .