قوله{[10]} : { والقواعد مِنَ النساء } . القواعدُ : من غير تاء تأنيث ، ومعناه : القواعدُ عن النكاح ، أو عن{[11]} الحيض ، أو عن{[12]} الاستمتاع ، أو عن الحبل ، أو عن الجميع{[13]} ولولا تخصيصهُنَّ بذلك لوجبت التاء نحو ضاربة وقاعدة من القعود المعروف{[14]} .
وقوله : «مِنَ النِّسَاءِ » وما بعده بيان لهن . و «القَوَاعِدُ » مبتدأ ، و «مِنَ النِّسَاءِ » حال ، و «اللاَّتِي » صفة القواعد لا للنساء ، وقوله : «فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ » ، الجملة خبر المبتدأ{[15]} ، وإنما دخلت الفاء لأن المبتدأ موصوف بموصول ، لو كان ذلك الموصول مبتدأ لجاز دخولها في خبره ، ولذلك منعت أن تكون «اللاتي » صفة للنساء ، إذ لا يبقى مسوغ لدخول الفاء في خبر المبتدأ{[16]} .
وقال أبو البقاء : ودخلت الفاءُ لما{[17]} في المبتدأ{[18]} من معنى الشرط ، لأن الألف واللام بمعنى الذي{[19]} وهذا مذهب الأخفش ، وتقدم تحقيقه في المائدة{[20]} ، ولكن هنا ما يُغني عن ذلك ، وهو وصف المبتدأ بالموصول المذكور ، و «غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ » حال من «عليهن »{[21]} . ( والتَّبرُّجُ الظهور من البُرْج ){[22]} وهو البناء الظاهر ، والتبرج : سعة العين يرى بياضها محيطاً بسوادها كله ، لا يغيب منه شيء والتبرج : إظهار ما يجب إخفاؤه بأن تكشف المرأة للرجال ( بإبداء ) زينتها وإظهار محاسنها{[23]} . و «بزينة » متعلق به . قوله : «وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ » مبتدأ بتأويل : «اسْتِعْفَافُهُنَّ » ، و «خَيْرٌ » خبره .
قال المفسرون : القواعد : هن اللواتي قعدن عن الحيض والولد من الكبر ، ولا مطمع{[24]} لهن في الأزواج .
والأولى ألا يعتبر قعودهن عن الحيض ، لأن ذلك ينقطع ، والرغبة فيهن باقية ، والمراد : قعودهن عن الأزواج ، ولا يكون ذلك إلا عند بلوغهن إلى حيث لا يرغب فيهن الرجال لكبرهن{[25]} قال ابن قتيبة : سميت المرأة قاعداً إذا كبرت ، لأنها تكثر{[26]} القعود{[27]} وقال ربيعة : هنَّ العجز{[28]} اللواتي إذا رآهنَّ الرجل استقذرهن{[29]} ، فأما من كانت فيها بقية من جمال ، وهي محل الشهوة ، فلا تدخل في هذه الآية{[30]} . { فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ } عند الرجال ، يعني : يضعن بعض ثيابهن ، وهي الجلباب ، والرداء الذي فوق الثياب ، والقناع الذي فوق الخمار ، فأما الخمار فلا يجوز وضعه{[31]} لما فيه من كشف العورة .
وقرأ عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب : { أن يضعن من ثيابهن }{[32]} . وروي عن ابن عباس أنه قرأ : { أن يضعن جلابيبهن }{[33]} . وعن السدي عن شيوخه : أن يضعن خمرهن عن رؤوسهن{[34]} وإنما خصهن الله بذلك لأن التهم مرتفعة عنهن ، وقد بلغن هذا المبلغ ، فلو غلب على ظنهن خلاف ذلك لم يحل لهنّ وضع الثياب ، ولذلك قال : { وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ } وإنما جعل ذلك أفضل لأنه أبعد عن الظنة{[35]} ، فعند الظنة يلزمهن ألا يضعن ذلك كما يلزم الشابة{[36]} ، والله سميع عليم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.