الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡۚ هَلۡ مِنۡ خَٰلِقٍ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ فَأَنَّىٰ تُؤۡفَكُونَ} (3)

قوله : { هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ } : قرأ الأخَوان " غيرِ " بالجر نعتاً ل " خالقٍ " على اللفظِ . و " مِنْ خالق " مبتدأٌ مُزادٌ فيه " مِنْ " . وفي خبرِه قولان ، أحدُهما : هو الجملةُ مِنْ قوله : " يَرْزُقُكم " . والثاني : أنه محذوفٌ تقديرُه : لكم ونحوُه ، وفي " يَرْزُقكم " على هذا وجهان ، أحدهما : أنَّه صفةٌ أيضاً ل " خالق " فيجوزُ أن يُحْكَمَ على موضعِه بالجرِّ اعتباراً باللفظ ، وبالرفعِ اعتباراً بالموضع . والثاني : أنه مستأنفٌ .

وقرأ الباقون بالرفع . وفيه ثلاثةُ أوجهٍ ، أحدها : أنه خبرُ المبتدأ . والثاني : أنه صفةٌ ل " خالق " على الموضعِ . والخبرُ : إمَّا محذوفٌ ، وإمَّا " يَرْزُقُكم " . والثالث : أنه مرفوعٌ باسم الفاعل على جهةِ الفاعليةِ ؛ لأنَّ اسمَ الفاعلِ قد اعْتَمَدَ على أداةِ الاستفهام . إلاَّ أنَّ الشيخَ تَوَقَّفَ في مثلِ هذا ؛ من حيث إنَّ اسم الفاعل وإن اعتمدَ ، إلاَّ أنه لم تُحْفَظْ فيه زيادةُ " مِنْ " قال : " فيُحتاج مثلُه إلى سَماعٍ " ولا يَظهرُ التوقُّف ؛ فإنَّ شروط الزيادةِ والعملِ موجودةٌ . وعلى هذا الوجهِ ف " يَرْزُقُكم " : إمَّا صفةٌ أو مستأنَفٌ . وجَعَل الشيخُ استئنافَه أَوْلَى قال : " لانتفاءِ صِدْقِ " خالق " على " غير الله " بخلافِ كونِه صفةً فإنَّ الصفةَ تُقَيِّد ، فيكون ثَمَّ خالقٌ غيرُ اللَّهِ لكنه ليس برازق " .

وقرأ الفضل بن إبراهيم النَّحْوِيُّ " غيرَ " بالنصبِ على الاستثناء . والخبر " يَرزُقكم " أو محذوفٌ و " يَرْزُقكم " مستأنفٌ ، أو صفةٌ . وقوله : { لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ } مستأنفٌ .