الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{مَّا يَفۡتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحۡمَةٖ فَلَا مُمۡسِكَ لَهَاۖ وَمَا يُمۡسِكۡ فَلَا مُرۡسِلَ لَهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (2)

قوله : { مِن رَّحْمَةٍ } : تبيينٌ أو حالٌ مِنْ اسمِ الشرطِ ، ولا يكون صفةً ل " ما " ؛ لأنَّ اسمَ الشرط لا يُوْصَفُ . قال الزمخشري : " وتنكيرُ الرحمة للإِشاعةِ والإِبهامِ ، كأنه قيل : أيَّ رحمةٍ كانت سماويةً أو أرضيَّةً " . قالَ الشيخ : " والعمومُ مفهومُ من اسمِ الشرطِ و " مِنْ رحمة " بيانٌ لذلك العامِّ من أي صنف هو ، وهو مِمَّا اجْتُزِئَ فيه بالنكرة المفردة عن الجمعِ المعرَّفِ المطابِقِ في العمومِ لاسمِ الشرطِ ، وتقديرُه : مِنَ الرَّحَمات . و " من " في موضع الحال " . انتهى .

قوله : " وما يُمْسِكْ " يجوز أَنْ يكونَ على عمومه ، أي : أيَّ شيءٍ أَمْسَكه ، مِنْ رحمةٍ أو غيرِها . فعلى هذا التذكيرُ في قوله : / " له " ظاهرٌ ؛ لأنه عائدٌ على ما يُمْسِك . ويجوزُ أَنْ يكونَ قد حُذِفَ المبيَّن من الثاني لدلالةِ الأولِ عليه تقديرُه : وما يُمْسِكْ مِنْ رحمةٍ . فعلى هذا التذكيرُ في قولِه : " له " على لفظِ " ما " وفي قولِه أولاً { فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا } التأنيثُ فيه حُمِل على معنى " ما " ، لأنَّ المرادَ به الرحمةُ فحُمِل أولاً على المعنى ، وفي الثاني على اللفظِ . والفتحُ والإِمساكُ استعارةٌ حسنةٌ .