فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡۚ هَلۡ مِنۡ خَٰلِقٍ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ فَأَنَّىٰ تُؤۡفَكُونَ} (3)

{ فأنى } فكيف أو إلى أين أو : من أي وجه ؟ !

{ تؤفكون } تصرفون .

{ يا أيها الناس اذكروا نعمت الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون 3 }

نداء إلى الناس أن يذكروا النعمة فيشكروا المنعم ، وما دام هو المتفرد بالإيجاد والتدبير ، والمنع والمنح والعطاء ، فليفرد بالتقديس والعباد والدعاء ، وما ينبغي لعاقل أن ينصرف إلى عبادة ما يخلق من شركاء .

-ولما كانت نعم الله تعالى مع تشعب فنونها منحصرة في نعمة الإيجاد ونعمة الإبقاء نفى سبحانه أن يكون في الوجود شيء غيره سبحانه يصدر عنه إحدى النعمتين بطريق الاستفهام الذي هو لإنكار التصديق ، وتكذيب الحكم ، فقال عز وجل : { هل من خالق غير الله . . }-{[3798]} .

و{ غير } مرفوعة على أنها نعت على موضع ما قبلها ، لأن المعنى : هل خالق غير الله يرزقكم ؟ ! وتكون{ من } لتوكيد المعنى ، أو تكون{ هل } بمعنى : ما ، فيصير التقدير : ما من خالق إلا الله ، ما خالق غير الله . { يرزقكم من السماء والأرض } يأتينا رزقه سبحانه من أي صوب شاء ، من حيث نحتسب ومن حيث لا نحتسب ، من فوقنا ومن تحت أرجلنا ، [ { يرزقكم من السماء } أي المطر ، { والأرض } أي النبات . ]{[3799]} .


[3798]:ما بين العارضتين من روح المعاني.
[3799]:ما بين العلامتين[ ] من الجامع لأحكام القرآن.