قوله : { ياأيها الناس اذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ } لما بين أن الحمد لله وبين بعض وجوه النعمة التي تَسْتَوجبُ الحمد على سبيل التفصيل بين النعمة على سبيل الإجمال فقال : { اذكروا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ } وهي مع كونها منحصرة في قسمين نعمة الإيجاد ونعمة الإبقاء فقال : { هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ الله } إشارة إلى نعمة الإيجاد في الابتداء وقال : { يَرْزُقُكُمْ } إشارة إلى نعمة الإبقاء بالرزق في الانتهاء{[45009]} .
قوله : { هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ الله } قرأ الأخوان «غَيْرٍ » بالجر نعتاً «لِخَالِقٍ » على{[45010]} اللّفظ و «مِنْ خَالِقٍ » متبدأ مراد فيه «من » وفي خبره قولان :
أحدهما : هو الجملة من قوله : { يَرْزُقُكُمْ } .
والثاني : أنه محذوف تقديره : «لكم » ونحوه{[45011]} ، وفي «يرزقكم » على هذا وجهان :
أحدهما : أنه صفة أيضاً لخلق فيجوز أن يحكم على مَوْضِعِهِ بالجر اعتباراَ باللفظ وبالرفع اعتباراً بالمَوْضِعِ{[45012]} .
والثَّانِي : أنه مستأنف{[45013]} وقرأ الباقون بالرفع وفيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه خبر المبتدأ{[45014]} .
والثاني : أنه صفة لخالق على المَوْضِع{[45015]} والخبر إما محذوفٌ وإما «يَرْزُقُكُمْ » .
والثالث : أنه مرفوع باسم الفاعل على جهة الفاعلية لأن اسمَ الفاعل قد اعتمد على أداة الاستفهام{[45016]} إلاَّ أن أبا حيان توقف في مثل هذا من حيث إن اسم الفاعل وإن اعتمد إلا أنه لم يحفظ ( فيه ){[45017]} زيادة «من » قال : فيحتاج مثله إلى سماع{[45018]} ولا يظهر التوقف فإن شروط الزيادة والعمل موجودة ، وعلى هذا الوجه «فَيرْزُقُكُمْ » إما صفة أو مستأنف{[45019]} .
وجعل أبو حيان استئنافه أولى ، قال : لانتفاء صدق «خالق » على غير الله بخلاف كونه صفة فإن الصفة تُقَيَّد فيكون ثَمَّ خالق غير الله لكنه ليس برازقٍ{[45020]} وقرأ الفضلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ النحويّ{[45021]} «غَيْرَ » بالنصب{[45022]} على الاستثناء والخبر «يَرزُقُكُمْ » أو محذوف و «يرزقكم » مستأنفةٌ أو صفةٌ{[45023]} .
قال المفسرون : هذا استفهام على طريق التنكير كأنه قال : لا خالق غير الله يرزقكم
من السماء والأرض أي من السماء المطر ومن الأرض النبات «لاَ إلَه إلاَّ هُوَ » مستأنف{[45024]} «فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ » أي فأنى تُصْرَفُونَ عن هذا الظاهر فكيف تشركون المَنْحُوتَ بمن{[45025]} له الملكوت ؟
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.