غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱذۡكُرُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ عَلَيۡكُمۡۚ هَلۡ مِنۡ خَٰلِقٍ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۖ فَأَنَّىٰ تُؤۡفَكُونَ} (3)

1

وحيث بين أن الحمد لله وبين بعض وجوه النعمة المستدعية للحمد على التفصيل أمر المكلفين بتذكر النعمة على الإجمال لساناً وقلباً وعملاً ، ومنه قول الرجل لمن أنعم عليه : اذكر أياديّ عندك يريد حفظها وشكرها والعمل بموجبها . وعن ابن عباس : أن الناس أهل مكة أسكنهم حرمه ويتخطف الناس من حولهم . وعنه أيضاً أنه أراد بالنعمة العافية ، والظاهر تعميم النعمة والمنعم عليهم . ثم أشار إلى نعمة الإيجاد بقوله { هل من خالق غير الله } وإلى نعمة الإبقاء بقوله { يرزقكم } وهو نعت خالق أو مستأنف أو تفسير لمضمر والتقدير : هل يرزقكم خالق يرزقكم ؟ قال جار الله : إن جعلت { يرزقكم } كلاماً مستأنفاً ففيه دليل على أن الخالق لا يطلق إلا على الله عز وجل . وأما على الوجهين الآخرين فلا ، إذ لا يلزم من نفي خالق رازق غيره نفي خالق غيره مطلقاً . وقوله { لا إله إلا هو } جملة مفصولة لا محل لها مثل { يرزقكم } في غير وجه الوصف إذ لو جعلت وصفاً لزم التناقض لأن قولك " هل من خالق آخر سوى الله " إثبات الله ، ولو جعلت المنفية وصفاً صار تقدير الكلام : هل من خالق آخر سوى لا إله إلا ذلك الخالق فلزم نقض الإثبات المذكور مع أن الكلام في نفسه يكون غير مستقيم . { فأنى تؤفكون } أي وكيف تصرفون عن هذا الظاهر فتشركون المنعوت بمالك الملك والملكوت .

/خ1