الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{رُدُّوهَا عَلَيَّۖ فَطَفِقَ مَسۡحَۢا بِٱلسُّوقِ وَٱلۡأَعۡنَاقِ} (33)

قوله : { مَسْحاً } : منصوبٌ بفعلٍ مقدر ، وهو خبر " طَفِق " أي : فَطَفِق يَمْسَح مَسْحاً ؛ لأنَّ خبرَ هذه الأفعالِ لا يكونُ إلاَّ مضارعاً في الأمر العام . وقال أبو البقاء وبه بَدأ : " مصدرٌ في موضعِ الحالِ " . وهذا ليس بشيء لأنَّ " طَفِقَ " لا بُدَّ لها مِنْ خبر .

وقرأ زيد بن علي : " مِساحاً " بزنةِ قِتال . والباءُ في " بالسُّوْق " مزيدةٌ ، مِثْلُها في قولِه : { وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ } [ المائدة : 6 ] . وحكى سيبويه " مَسَحْتُ رأسَه وبرأسِه " بمعنًى واحدٍ . ويجوز أن تكونَ للإِلصاق كما تقدَّم تقريرُه . وتقدَّم هَمْزُ السُّؤْق وعدمُه في النمل . وجعل الفارسي الهمزَ ضعيفاً . وليس كما قال ؛ لِما تقدَم من الأدلة . وقرأ زيد بن عليّ " بالساق " مفرداً اكتفاءً بالواحدِ لعَدمِ اللَّبْسِ كقولِه :

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** وأمَّا جِلْدُها فصَلِيْبُ

وقولِه :

كلُوا في بَعْضِ بَطْنِكُمُ تَعِفُّوا *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وقولِه :

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** في حَلْقِكم عَظْمٌ وقد شَجيْنا

وقال الزمخشري : " فإنْ قلتَ : بمَ اتَّصَلَ قولُه : " رُدُّوها عليَّ " ؟ قلت : بمحذوفٍ تقديرُه قال : " رُدُّوها " فأضمر ، وأضمر ما هو جوابٌ له . كأنَّ قائلاً قال : فماذا قال سليمان ؟ لأنه موضعٌ مُقتَضٍ للسؤالِ اقتضاءً ظاهراً " . قال الشيخ : " وهذا لا يُحتاجُ إليه ؛ لأنَّ هذه الجملةَ مُنْدَرِجَةٌ تحت حكايةِ القولِ وهو : { فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ } .