الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱجۡتَنِبُواْ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعۡضَ ٱلظَّنِّ إِثۡمٞۖ وَلَا تَجَسَّسُواْ وَلَا يَغۡتَب بَّعۡضُكُم بَعۡضًاۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمۡ أَن يَأۡكُلَ لَحۡمَ أَخِيهِ مَيۡتٗا فَكَرِهۡتُمُوهُۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٞ رَّحِيمٞ} (12)

قوله : { إِثْمٌ } : جعلَ الزمخشريُّ همزه بدلاً من واوٍ . قال : " لأنه يَثِمُ الأعمال أي : يكسِرُها " وهذا غيرُ مُسَلَّمٍ بل تلك مادةٌ أخرى . ولا تَجَسَّسوا : التجسُّسُ : التتبُّع ، ومنه الجاسوسُ والجَسَّاسَةُ . وجَواسُّ الإِنسان وحواسُّه : مشاعِرُه : ، وقد قرأ هنا بالحاء الحسنُ وأبو رجاء وابن سيرين .

قوله : { مَيْتاً } نصبٌ على الحالِ من " لحم " أو " أخيه " وتقدَّم الخلافُ في " مَيْتا " .

قوله : { فَكَرِهْتُمُوهُ } قال الفراء : " تقديرُه : فقد كرهتموه فلا تَفْعَلُوه " . وقال أبو البقاء : " المعطوفُ عليه محذوفٌ تقديره : عَرَضَ عليكم ذلك فكرِهْتموه ، والمعنى : يُعْرَضُ عليكم فتكرهونه . وقيل : إنْ صَحَّ ذلك عندكم فأنتم تَكْرهونه " وقيل : هو خبرٌ بمعنى الأمرِ كقولهم : " اتقى اللَّهَ امرؤٌ فَعَلَ خيراً يُثَبْ عليه " . وقرأ أبو حيوةَ والجحدري " فَكُرِّهْتُموه " بضمِّ الكاف وتشديدِ الراءِ عُدِّيَ بالتضعيفِ إلى ثانٍ ، بخلافِ قولِه أولاً :

{ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ } [ الآية : 7 ] ، فإنه وإنْ كان مُضَعَّفاً لم يَتَعَدَّ إلاَّ لواحدٍ لتضمُّنِه معنى بَغَّض .