الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{عِندَهَا جَنَّةُ ٱلۡمَأۡوَىٰٓ} (15)

و " عندها جنةُ " جملةٌ ابتدائيةٌ في موضعِ الحالِ . والأحسنُ أَنْ يكونَ الحالُ الظرفَ ، و " جَنَّةُ المَأْوى " فاعلٌ به . والعامَّةُ على " جنَّة " اسمٌ مرفوعٌ . وقرأ أمير المؤمنين وأبو الدرداء وأبو هريرة وابن الزبير وأنس وزر بن حبيش ومحمد بن كعب " جَنَّة " فعلاً ماضياً . والهاء ضميرُ المفعول يعود للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم . والمَأْوَى فاعلٌ بمعنى : سَتَره إيواءُ اللَّهِ تعالى . وقيل : المعنى : ضَمَّه المبيتُ والليلُ . وقيل : جَنَّه بظلالِه ودَخَلَ فيه . وقد رَدَّت عائشةُ رضي الله عنها هذه القراءةَ وتبعها جماعةٌ وقالوا : " أجَنَّ اللَّهُ مَنْ قرأها " ، وإذا ثبتت قراءةً عن مثلِ هؤلاء فلا سبيلَ إلى رَدِّها ، ولكنِّ المستعملَ إنما/ هو أَجَنَّه رباعياً ، فإن استعمل ثلاثياً تَعَدَّى ب " على " كقولِه { فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ الْلَّيْلُ } [ الأنعام : 76 ] . وقال أبو البقاء : " وهو شاذٌّ والمستعملُ أجنَّه " . وقد تقدَّم الكلامُ على هذه المادةِ في الأنعام .