تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِي شَيۡءٍۚ إِنَّمَآ أَمۡرُهُمۡ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ} (159)

الآية 159 وقوله تعالى : { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا }{[7995]} عن عائشة وأبي هريرة رضي الله عنهما قال أحدهما : فيكم في الكفرة ، وقال الآخر : في أهل الصلاة ، وقيل : هم الحرورية ، وقيل : هم اليهود والنصارى . ولكن لا ندري من هم ؟ وليس بنا إلى معرفة من كان حاجة .

ثم يحتمل وجوها ثلاثة : يحتمل { فرقوا دينهم } حقيقة ، لأن [ أصحاب ]{[7996]} جميع الأديان عند أنفسهم أنهم يدينون دين الله ، لا أحد يقول : إنه يدين بدين غير [ دين ]{[7997]} الله . ألا ترى أنهم قالوا : { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } [ الزمر : 3 ] وقالوا{[7998]} : { هؤلاء شفعاؤنا عند الله } ؟ [ يونس : 18 ] فهم وإن كانوا عند أنفسهم أنهم يدينون دين الله فهم في الحقيقة فارقوا دينهم وليسوا على دين الله . ويحتمل فارقوا دينهم الذي أمروا به ، ودعا إليه الرسل والأنبياء ، صلوات الله عليهم ، فارقوا ذلك الدين . ويحتمل : فارقوا دينهم ، الذي دانوا به في عهد الأنبياء والرسل بدين الله ، ففارقوا ذلك الدين ، والله أعلم ، كقوله تعالى : { وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به } [ البقرة : 89 ] وكقوله تعالى : { أكفرتم بعد إيمانكم } الآية [ آل عمران : 106 ] كانوا مؤمنين به { وكانوا شيعا } أي صاروا فرقا وأحزابا .

وقوله تعالى : { لست منهم في شيء } من الناس من صرف تأويله { لست منهم } أي لست أنت في قتالهم في شيء ؛ كأنه نهاه عن قتالهم في وقت ، ثم أذن له بعد ذلك حين{[7999]} نسخته آية السيف ، وهذا بعيد . ويحتمل { لست منهم في شيء } أي لست من دينهم في شيء ؛ لأن دينهم كان تقليدا لآبائهم ، ودينك دين بالحجج والبراهين ، فلست منهم أي من دينهم في شيء . ويحتمل { لست منهم في شيء } أي لا تسأل أنت عن دينهم ، ولا تحاسب على ذلك كقوله تعالى : { ما عليك من حسابهم من شيء } الآية [ الأنعام : 52 ] . أو يخرج على إياس أولئك الكفرة من عود رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دينهم كقوله تعالى : { اليوم يئس الذين كفروا من دينكم } الآية [ المائدة : 3 ] .

وقوله تعالى : { إنما أمرهم إلى الله } يحتمل الحكم{[8000]} فيهم إلى الله ، ليس إليك ، هو الذي يحكم فيهم ، أو أن يكون { أمرهم إلى الله } في القتال حتى يأذن لك بالقتال { ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون } هو وعيد .


[7995]:- في الأصل وم: فارقوا، وهي قراءة حمزة والكسائي، انظر حجة القراءات ص (278).
[7996]:- ساقطة من الأصل وم.
[7997]:- ساقطة من الأصل وم.
[7998]:- في الأصل وم: و.
[7999]:- في الأصل وم: حيث.
[8000]:- أدرج قبلها في الأصل وم: أي.