قوله : { قُواْ أَنفُسَكُمْ } : أمرٌ من الوِقايةِ فوزنُه " عُوا " لأن الفاءَ حُذِفَتْ لوقوعِها في المضارع بين ياءٍ وكسرةٍ ، وهذا محمولٌ عليه ، واللامُ حُذِفَتْ حَمْلاً له على المجزوم ، بيانه أنَّ أصلَه اِوْقِيُوا كاضْرِبوا فحُذِفَتِ الواوُ التي هي فاءٌ لِما تقدَّمَ ، واستثْقِلَتِ الضمةُ على الياء فحُذِفَتْ ، فالتقى ساكنان ، فحُذِفَتْ الياءُ وضُمَّ ما قبل الواوِ لتصِحَّ . وهذا تعليلُ البَصْريين . ونقل مكيٌّ عن الكوفيين : أنَّ الحذفَ عندهم فرقاً بين المتعدي والقاصر فحُذِفت الواوُ التي هي فاءٌ في يَقي ويَعِدُ لتعدِّيهما ، ولم تُحْذَفْ من يَوْجَل لقُصوره . قال : " ويَرِدُ عليهم نحو : يَرِمُ فإنه قاصرٌ ومع ذلك فقد حذفوا فاءَه " . قلت : وفي هذا نظرٌ ؛ لأنَّ يَوْجَل لم تَقَعْ فيه الواوُ بين ياءٍ وكسرةٍ لا ظاهرةٍ ولا مضمرةٍ . فقلت : " ولا مضمرة " تحرُّزاً مِنْ يَضَعُ ويَسَعُ ويَهَبُ .
و " ناراً " مفعولٌ ثانٍ . و { وَقُودُهَا النَّاسُ } صفةٌ ل " ناراً " وكذلك " عليها ملائكةٌ " . ويجوزُ أَنْ يكونَ الوصفُ وحدَه عليها و " ملائكةٌ " فاعلٌ به . ويجوزُ أَنْ تكونَ حالاً لتخصُّصِها بالصفة الأولى وكذلك { لاَّ يَعْصُونَ اللَّهَ } .
وقرأ بعضُهم " وأَهْلوكم " وخُرِّجَتْ على العطفِ على الضمير المرفوع ب " قُوا " وجَوَّزَ ذلك الفصلُ بالمفعولِ . قال الزمخشري بعد ذِكْرِهِ القراءةَ وتخريجَها : " فإنْ قلتَ : أليس التقديرُ : قُوا أنفسَكم ، ولْيَقِ أَهْلوكم أنفسكم ؟ قلت : لا . ولكن المعطوفَ في التقديرِ مقارنٌ للواو ، و " أنفسَكم " واقعٌ بعده كأنَّه قيل : قُوا أنتم وأهلوكم أنفسَكم لمَّا جَمَعْتَ مع المخاطبِ الغائبَ غَلَّبْته [ عليه ] فجعَلْتَ ضميرَهما معاً على لفظِ المخاطبِ " . وتقدَّم الخلافُ في واو " وقود " ضماً وفتحاً في البقرة .
قوله : { مَآ أَمَرَهُمْ } يجوز أَنْ تكونَ " ما " بمعنى الذي ، والعائدُ محذوفٌ أي ما أَمَرَهموه ، والأصلُ : به . لا يُقال : كيف حَذَفَ العائدَ المجرورَ ولم يَجُرَّ الموصولَ بمثله ؟ لأنه يَطَّردُ حَذْفُ هذا الحرفِ فلم يُحْذَفْ إلاَّ منصوباً ، وأن تكونَ مصدريةً ، ويكونَ مَحَلُّها بدلاً من اسمِ الله بدلَ اشتمالٍ ، كأنه قيل : لا يَعْصُون أَمْرَه .
وقوله : { وَيَفْعَلُونَ } قال الزمخشري : " فإنْ قلتَ : أليسَتْ الجملتان في معنى واحدٍ ؟ قلت : لا ؛ لأن الأولى معناها : أنهم يتقبَّلون أوامرَه ويلتزمونها ، والثانيةَ معناها : أنهم يُؤَدُّون ما يؤمرون به ، لا يتثاقلون عنه ولا يَتَوانَوْن فيه " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.