مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِيكُمۡ نَارٗا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ عَلَيۡهَا مَلَـٰٓئِكَةٌ غِلَاظٞ شِدَادٞ لَّا يَعۡصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمۡ وَيَفۡعَلُونَ مَا يُؤۡمَرُونَ} (6)

{ يأَيُّهَا الذين ءامَنُواْ قُواْ أَنفُسَكُمْ } بترك المعاصي وفعل الطاعات { وَأَهْلِيكُمْ } بأن تأخذوهم بما تأخذون به أنفسكم { نَاراً وَقُودُهَا الناس والحجارة } نوعاً من النار لا تتقد إلا بالناس والحجارة كما يتقد غيرها من النيران بالحطب { عَلَيْهَا } يلي أمرها وتعذيب أهلها { مَلَئِكَةٌ } يعني الزبانية التسعة عشر وأعوانهم { غِلاَظٌ شِدَادٌ } في أجرامهم غلظة وشدة أو غلاظ الأقوال شداد الأفعال { لاَّ يَعْصُونَ الله } في موضع الرفع على النعت { مَا أَمَرَهُمْ } في محل النصب على البدل أي لا يعصون ما أمر الله أي أمره كقوله { أَفَعَصَيْتَ أَمْرِى } [ طه : 93 ] أو لا يعصونه فيما أمرهم { وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ } وليست الجملتان في معنى واحد ، إذ معنى الأولى أنهم يتقبلون أوامره ويلتزمونها ، ومعنى الثانية أنهم يؤدون ما يؤمرون به ولا يتثاقلون عنه ولا يتوانون فيه