فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ قُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِيكُمۡ نَارٗا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ عَلَيۡهَا مَلَـٰٓئِكَةٌ غِلَاظٞ شِدَادٞ لَّا يَعۡصُونَ ٱللَّهَ مَآ أَمَرَهُمۡ وَيَفۡعَلُونَ مَا يُؤۡمَرُونَ} (6)

{ يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ( 6 ) } .

يحذر الله تعالى المؤمنين أن يغفلوا عن وقاية أنفسهم وأهلهم عذاب النار التي تتقد بالمعذبين وبالحجارة الصماء ، ويحرسها خزنة من الملائكة الأقوياء الذين لا تأخذهم بالمجرمين رقة ولا هوادة ، ولا يفرطون فيما يأتيهم من أمر ربهم ، فمن قضى الله فيه أن يسعر في النار ويكوى ويشوى جلده فإن القوامين على جهنم ينفذون أمر ربنا كاملا غير منقوص .

روى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : قو أنفسكم ومروا أهليكم بالذكر والدعاء حتى يقيهم الله بكم . وقال علي رضي الله عنه وقتادة ومجاهد : قو أنفسكم بأفعالكم ، وقوا أهلكم بوصيتكم .

[ . . فعلى الرجل أن يصلح نفسه بالطاعة ، ويصلح أهله إصلاح الراعي للرعية . ففي صحيح الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته فالإمام الذي على الناس راع وهو مسئول عنهم والرجل راع على أهل بيته وهو مسئول عنهم ) . . . فيعلمه الحلال والحرام ، ويجنبه المعاصي والآثام ، إلى غير ذلك من الأحكام . . . وقال عليه السلام : ( ما نحل والد ولدا أفضل من أدب حسن ) وقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم ( مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع ) خرجه جماعة من أهل الحديث . وهذا لفظ أبي داود . . . وقد روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوتر يقول : ( قومي فأوتري يا عائشة ) . وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( رحم الله امرأ قام من الليل فصلى فأيقظ أهله فإن لم تقم رش وجهها بالماء رحم الله امرأة قامت من الليل تصلي وأيقظت زوجها فإذا لم يقم رشت على وجهه من الماء ) . ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : ( أيقظوا صواحب الحجر ) . . . فعلينا أن نعلم أولادنا وأهلينا الدين والخير ، وما لا يستغني عنه من الأدب . ]{[7265]} .


[7265]:- ما بين العارضتين مما أورده صاحب الجامع لأحكام القرآن. أبو عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي. جـ 18 ص 195، 196.