الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ حُنَفَآءَ وَيُقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَيُؤۡتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَذَٰلِكَ دِينُ ٱلۡقَيِّمَةِ} (5)

قوله : { مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ } : العامَّةُ على كَسْرِ اللامِ اسمَ فاعلٍ ، وانتصب به " الدّينَ " ، والحسن بفتحِها على معنى : أنهم يُخْلِصون هم أنفسهم في نياتهم ، وانتصب " الدينَ " على أحدِ وجهَيْن : إمَّا إسقاطِ الخافضِ ، أي : في الدين ، وإمَّا على المصدر من معنى : ليَعْبُدوا ، كأنه قيل : ليَدينوا الدينَ ، أو ليعبدوا العبادةَ ، فالتجوُّز : إمَّا من الفعلِ ، وإمَّا في المصدر ، وانتصابُ " مُخْلِصِين " على الحال مِنْ فاعل " يعبدون " .

قوله : { حُنَفَآءَ } حالٌ ثانيةٌ أو حال من الحالِ قبلَها ، أي : من الضمير المستكنِّ فيها . وقوله : { وَمَآ أُمِرُواْ } ، أي : وما أُمِروا بما أُمِروا به إلاَّ لكذا ، وقرأ عبد الله " وما أُمِروا إلاَّ أَنْ يَعْبُدوا " أي : بأَنْ يَعْبدوا . وتحريرُ مثلِها في قوله :{ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } [ الآية : 71 ] في الأنعام .

وقوله : { وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ } أي : الأمَّةُ أو المِلَّةُ القيمةُ ، أي : المستقيمة . وقيل : الكتبُ القَيِّمة ؛ لأنها قد تقدَّمَتْ في الذِّكْرِ ، قال تعالى : { فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ } [ البينة : 3 ] ، فلَّما أعادها أعادَها مع أل العهديةِ كقوله : { فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ } [ المزمل : 16 ] وهو حسنٌ ، قاله محمد بن الأشعت الطالقاني : وقرأ عبد الله : " وذلك الدِّين القيمةِ " ، والتأنيثُ حينئذٍ : إمَّا على تأويلِ الدٍّين بالمِلة كقوله :

4613 . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** سائِلْ بني أسدٍ ما هذه الصَوْتُ

بتأويل الصيحة ، وإمَّا على أنها تاءُ المبالغةِ كعَلاَّمة .