البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَٱصۡبِرۡ وَمَا صَبۡرُكَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ وَلَا تَحۡزَنۡ عَلَيۡهِمۡ وَلَا تَكُ فِي ضَيۡقٖ مِّمَّا يَمۡكُرُونَ} (127)

ولما خير المخاطبون في المعاقبة والصبر عنها عزم على الرسول صلى الله عليه وسلم في الذي هو خير وهو الصبر ، فأمر هو وحده بالصبر .

ومعنى بالله : بتوفيقه وتيسيره وإرادته .

والضمير في عليهم يعود على الكفار ، وكذلك في يمكرون كما قال : { فلا تأس على القوم الكافرين } وقيل : يعود على القتلى الممثل بهم ، حمزة ، ومن مثل به يوم أحد .

وقرأ الجمهور : في ضيق بفتح الضاد .

وقرأ ابن كثير : بكسرها ، ورويت عن نافع ، ولا يصح عنه ، وهما مصدران كالقيل والقول عند بعض اللغويين .

وقال أبو عبيدة : بفتح الضاد مخفف من ضيق أي : ولا تك في أمر ضيق كلين في لين .

وقال أبو علي : الصواب أن يكون الضيق لغة في المصدر ، لأنه إنْ كان مخففاً من ضيق لزم أن تقام الصفة مقام الموصوف إذا تخصص الموصوف ، وليس هذا موضع ذلك ، والصفة إنما تقوم مقام الموصوف إذا تخصص الموصوف من نفس الصفة كما تقول : رأيت ضاحكاً ، فإنما تخصص الإنسان .

ولو قلت : رأيت بارداً لم يحسن ، وببارد مثل سيبويه وضيق لا يخصص الموصوف .

وقال ابن عباس ، وابن زيد : إنّ ما في هذه الآيات من الأمر بالصبر منسوخ ،