غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَٱصۡبِرۡ وَمَا صَبۡرُكَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ وَلَا تَحۡزَنۡ عَلَيۡهِمۡ وَلَا تَكُ فِي ضَيۡقٖ مِّمَّا يَمۡكُرُونَ} (127)

101

ثم صرح كل التصريح فقال :{ واصبر } ، ثم ذكر ما يفيد سهولة الصبر على النفس فقال : { وما صبرك إلا بالله } ، أي : بتوفيقه وتثبيته وربطه على قلبه ، وهذا سبب كلي مفيد للصبر . وأما السبب الجزئي القريب فذلك قوله : { ولا تحزن عليهم ولا تك } ، وذلك أن إقدام الإنسان على الانتقام لا يكون إلا عند هيجان الغضب ، وإنه لا يهيج إلا عند فوات نفع . وأشار إليه بقوله : { ولا تحزن عليهم } ، قيل : أي : على قتلى أحد . وقيل : على الكافرين كقوله : { فلا تأس على القوم الكافرين } [ المائدة : 68 ] ، وإلا حين توقع مكروه في المستقبل وأشار إلى ذلك بقوله : { ولا تك في ضيق } ، من قرأ بكسر الضاد فظاهر وهو من الكلام المقلوب الذي يشجع عليه أمن الإلباس ؛ لأن الضيق وصف فهو يكون في الإنسان ولا يكون الإنسان فيه . وفيه لطيفة أخرى وهي أن الضيق إذا عظم وقوي صار كالشيء المحيط به من جميع الجوانب ، ومن قرأ بفتحها فإما على أنه مصدر أيضاً أو على أنه مخفف ضيق فمعناه في أمر ضيق ، وإنما لم يقل : " ولا تكن " بالنون كما في آخر النمل موافقة لما قبله ، { ولم يك من المشركين } ، ولأن الحزن ههنا أكثر بناء على أنها وردت في قتل حمزة ، فبولغ بالحذف في النهي عن الحزن .

/خ128