الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَٱصۡبِرۡ وَمَا صَبۡرُكَ إِلَّا بِٱللَّهِۚ وَلَا تَحۡزَنۡ عَلَيۡهِمۡ وَلَا تَكُ فِي ضَيۡقٖ مِّمَّا يَمۡكُرُونَ} (127)

وقيل : هي منسوخة بقوله : { واصبر وما صبرك إلا بالله }

وقيل : هي منسوخة بالقتال والأمر به ، وإنما كان هذا خبر أمر الله [ عز وجل{[40141]} ] نبيه [ صلى الله عليه وسلم{[40142]} ] ألا يقاتل{[40143]} إلا من قاتله{[40144]} لقوله : { وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا }{[40145]} أي{[40146]} : تقاتلوا من لم يقاتلكم{[40147]} . فقال المسلمون إن قاتلونا وأظهرنا{[40148]} الله عز وجل عليهم{[40149]} لنمثلن{[40150]} بهم فنسخ ذلك في براءة بقوله { فافتلوا المشركين حيث وجدتموهم }{[40151]} وهذا القول : مروي عن ابن عباس{[40152]} .

ومن قال : إن{[40153]} هذه الآية محكمة ، قال : عني بقوله { واصبر وما صبرك إلا بالله } [ 127 ] نبي الله [ عز وجل ] وحده ثم نسخ ذلك بالأمر بالقتال في براءة وهو قول ابن زيد{[40154]} .

وعن ابن سيرين والنخعي وسفيان : إن الآية عامة{[40155]} معناها من ظلم بظلامة فلا يحل [ له{[40156]} ] أن يأخذ من ظالمه أكثر مما ناله منه ولا يتجاوز إلى أكثر من حقه{[40157]} .

وروى أبو هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على حمزة بن عبد المطلب حيث استشهد فنظر إلى شيء لم ينظر قط إلى شيء كان أوجع منه لقلبه{[40158]} ونظر إليه ، قد مثل به ، فقال : رحمة الله عليك ، فإنك كنت ما علمتك ، فعولا للخيرات ، فعولا للخيرات ، وصولا للرحم ، ولولا حزن من بعدك لسرني أن أدعك حتى تحشر من أفواه شتى . أما والله ، مع ذلك ، لأمثلن بسبعين منهم . فنزل جبريل{[40159]} [ والنبي صلى الله/عليهما ] واقف بخواتم النحل .

{ وإن عاقبتم [ فعاقبوا{[40160]} ] } الآية{[40161]} . فصبر النبي صلى الله عليه وسلم ، وكفر عن يمينه ، ولم يمثل بأحد .

ثم قال تعالى : { واصبر وما صبرك إلا بالله } [ 127 ] .

أي : اصبر يا محمد على أذى من أذاك ، وما صبرك إذا صبرت إلا بمعونة الله [ لك{[40162]} ] وتوفيقه إياك لذلك .

{ ولا تحزن عليهم } [ 128 ] أي : على هؤلاء المشركين الذين يكذبون ويمثلون بالمسلمين . { ولا تك في ضيق مما يمكرون } [ 127 ] أي : لا يضيق صدرك من قولهم فيما جئتهم به أنه سحر ، وأنه شعر ، والمكر الخديعة .


[40141]:ساقط من ق.
[40142]:انظر: المصدر السابق.
[40143]:ق: ألا يقتل.
[40144]:ط: من قتله.
[40145]:البقرة: 190.
[40146]:ساقط من ق.
[40147]:ط: لم يقاتلوكم.
[40148]:ط: أظفرنا.
[40149]:ط: بهم.
[40150]:ط: لتمثلن.
[40151]:التوبة:4.
[40152]:انظر : هذا القول في جامع البيان 14/196، ونواسخ القرآن 189.
[40153]:ط: اقرأ.
[40154]:انظر: قوله في جامع البيان 14/197، والجامع 10/193.
[40155]:ط: "محكمة عامة".
[40156]:ساقط من ط.
[40157]:ط: "حقكم"، وانظر: هذا القول في جامع 14/197 ونواسخ القرآن 189، والمصفى 42، والجامع 10/132.
[40158]:ق: "قلبه منه".
[40159]:ط: صلى الله عليه وسلم.
[40160]:ساقط من ط.
[40161]:ط: الآيات.
[40162]:ساقط من ق.