ثم أُمر عليه الصلاة والسلام صريحاً بما ندَب إليه غيرَه تعريضاً من الصبر ؛ لأنه أولى الناس بعزائم الأمورِ لزيادة علمِه بشؤونه سبحانه ووفورِ وثوقِه به فقيل : { وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ } . { واصبر } ، أي : على ما أصابك من جهتهم من فنون الآلامِ والأَذية وعاينتَ من إعراضهم عن الحق بالكلية ، { وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بالله } ، استثناءٌ مفرَّغٌ من أعم الأشياء ، أي : وما صبرُك ملابساً ومصحوباً بشيء من الأشياء إلا بالله ، أي : بذكره والاستغراقِ في مراقبة شؤونه والتبتّلِ إليه بمجامع الهِمّة ، وفيه من تسليته عليه الصلاة والسلام ، وتهوينِ مشاقِّ الصبرِ عليه وتشريفِه ما لا مزيدَ عليه . أو إلا بمشيئته المبنيّةِ على حِكَمٍ بالغة مستتبِعةٍ لعواقبَ حميدةٍ ، فالتسليةُ من حيث اشتمالُه على غايات جميلة ، وقيل : إلا بتوفيقه ومعونتِه ، فهي من حيث تسهيلُه وتيسيرُه فقط ، { وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ } ، أي : على الكافرين بوقوع اليأسِ من إيمانهم بك ومتابعتِهم لك نحو : { فَلاَ تَأْسَ عَلَى القوم الكافرين } ، وقيل : على المؤمنين وما فُعل بهم ، والأولُ هو الأنسب بجزالة النظمِ الكريم ، { وَلاَ تَكُ في ضَيْقٍ } ، بالفتح ، وقرئ بالكسر وهما لغتان كالقَوْل والقيل ، أي : لا تكن في ضيق صدرٍ وحرَج ، ويجوز أن يكون الأولُ تخفيفَ ضيِّق ، كهيْن من هيِّن ، أي : في أمر ضيِّقٍ ، { مّمَّا يَمْكُرُونَ } ، أي : من مكرهم بك فيما يُستقبل ، فالأولُ نهيٌ عن التألم بمطلوبٍ مِنْ قبلَهم فاتَ ، والثاني عن التألم بمحذور من جهتهم آتٍ ، والنهيُ عنهما مع أن انتفاءَهما من لوازم الصبرِ المأمورِ به لاسيما على الوجه الأولِ لزيادة التأكيدِ وإظهارِ كمالِ العنايةِ بشأن التسليةِ ، وإلا فهل يخطُر ببال من توجّه إلى الله سبحانه بشراشرِ نفسِه متنزهاً عن كل ما سواه من الشواغل شيءٌ من مطلوب فينهى عن الحزن بفواته أو محذورٍ ، فكيف عن الخوف من وقوعه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.