تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ثُمَّ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ يُخۡزِيهِمۡ وَيَقُولُ أَيۡنَ شُرَكَآءِيَ ٱلَّذِينَ كُنتُمۡ تُشَـٰٓقُّونَ فِيهِمۡۚ قَالَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ إِنَّ ٱلۡخِزۡيَ ٱلۡيَوۡمَ وَٱلسُّوٓءَ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ} (27)

الآية 27 : وقوله تعالى : { ثم يوم القيامة يخزيهم } ( أخبر أنه يوم القيامة يخزيهم ){[10137]} بعد ما عذبهم في الدنيا بقوله { وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون } وقوله : { يخزيهم } قال أهل التأويل : يعذبهم . وكان الإخزاء ، هو الإذلال والإهانة والفضح ، يذلهم ، ويهينهم ، ويفضحهم في الآخرة مكان ما كان منهم من الاستكبار والتجبر على النبي وأصحابه . وكذلك قوله : { يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه } ( التحريم : 8 ) أي لا يذلهم ، ولا يهينهم ، لتواضعه للمؤمنين وخفض جناحه لهم ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { أين شركائي الذين كنتم تشاقون فيهم } أي كنتم تعادون أوليائي فيهم ، أو تعادونني فيهم .

وقوله تعالى : { أي شركائي } لسن له بشركاء ، ولكن أضاف إلى نفسه ( شركائي ) على ما زعمتم في الدنيا ( أنهم شركائي ){[10138]} . وكذلك قوله : { فراغ إلى آلهتهم } ( الصافات : 91 ) أي إلى ما في زعمهم وتسميتهم إياها آلهة .

وقوله تعالى : { كنتم تشاقون فيهم } أي كنتم تخالفون فيهم ، وتعادون ؛ أي تخالفون المؤمنين في ( عبادتكم إياها ، وتقولون ){[10139]} : { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } ( الزمر : 3 ) وتقولون{[10140]} : { هؤلاء شفعاؤنا عند الله } ( يونس : 18 ) ونحوه . كانوا يخالفون المؤمنين ، وكانوا يشاقون في ذلك . إلا أنه أضاف ذلك إلى نفسه لأنهم أولياؤه وأنصار دين الله .

وأضاف إليه المخالفة لأنهم خالفوا أمر الله تعالى .

وقوله تعالى : { قال الذين أوتوا العلم } قال أهل التأويل : { الذين أوتوا العلم } الملائكة الكرام الكاتبون ، هم وغيرهم من المؤمنين محتمل .

وقوله تعالى : { إن الخزي اليوم والسوء على الكافرين } أي الذل والهوان والافتضاح وكل سوء على الكافرين . هكذا يقابل كل معاند ومكابر في حجج الله وبراهينه مكان استكبارهم وتجبرهم في الدنيا ، والله أعلم .


[10137]:من م، ساقطة من الأصل.
[10138]:في الأصل وم: أنها شركاؤه.
[10139]:في الأصل وم: عبادتهم إياها لأنهم يقولون.
[10140]:في الأصل: وقولهم، في م: وهم.