البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنۡ ءَالِ يَعۡقُوبَۖ وَٱجۡعَلۡهُ رَبِّ رَضِيّٗا} (6)

وقرأ الجمهور : { يرثني ويرث } برفع الفعلين صفة للولي فإن كان طلب الولد فوصفه بأن تكون الإجابة في حياته حتى يرثه لئلا تكون الإجابة في الولد لكن يحرمه فلا يحصل ما قصده .

وقرأ النحويان والزهري والأعمش وطلحة واليزيدي وابن عيسى الأصبهاني وابن محيصن وقتادة بجزمهما على جواب الأمر .

وقرأ عليّ وابن عباس والحسن وابن يعمر والجحدري وقتادة وأبو حرب بن أبي الأسود وجعفر بن محمد وأبو نهيك { يرثني } بالرفع والياء وارث جعلوه فعلاً مضارعاً من ورث .

قال صاحب اللوامح : وفيه تقديم فمعناه { فهب لي من لدنك ولياً } من آل يعقوب { يرثني } إن مت قبله أي نبوّتي وأرثه إن مات قبلي أي ماله ، وهذا معنى قول الحسن .

وقرأ عليّ وابن عباس والجحدري { يرثني } وارث { من آل يعقوب } .

قال أبو الفتح هذا هو التجريد التقدير { يرثني } منه وارث .

وقال الزمخشري وارث أي { يرثني } به وارث ويسمى التجريد في علم البيان ، والمراد بالإرث إرث العلم لأن الأنبياء لا تورث المال .

وقيل : { يرثني } الحبورة وكان حبراً ويرث { من آل يعقوب } الملك يقال : ورثته وورثت منه لغتان .

وقيل : { من } للتبعيض لا للتعدية لأن { آل يعقوب } ليسوا كلهم أنبياء ولا علماء .

وقرأ مجاهد أو يرث من آل يعقوب على التصغير ، وأصله وويرث فأبدلت الواو همزة على اللزوم لاجتماع الواوين وهو تصغير وارث أي غُلَيم صغير .

وعن الجحدري وارث بكسر الواو يعني به الإمالة المحضة لا الكسر الخالص ، والظاهر أن يعقوب هو ابن إسحاق بن إبراهيم .

وقيل : هو يعقوب بن ماثان أخو زكرياء .

وقيل : يعقوب هذا وعمران أبو مريم أخوان من نسل سليمان بن داود ومرضياً بمعنى مرضي .

{ يا زكريا } أي قيل له بإثر الدعاء .

وقيل : رزقه بعد أربعين سنة من دعائه .