المهاجرة : انتقال من أرض إلى أرض ، مفاعلة من الهجر ، والمجاهدة مفاعلة من جهد ، استخرج الجهد والإجتهاد ، والتجاهد بذل الوسع ، والمجهود والجهاد بالفتح : الأرض الصلبة .
{ إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله } سبب نزولها أن عبد الله بن جحش قال : يا رسول الله هب أنه عقاب علينا فيما فعلناه فهل نطمع منه أجراً وثواباً فنزلت لأن عبد الله كان مؤمناً وكان مهاجراً ، وكان بسبب هذه المقاتلة مجاهداً ، ثم هي عامة في من اتصف بهذه الأوصاف .
وقال الزمخشري إن عبد الله بن جحش وأصحابه ، حين قتلوا الحضرمي ، ظنّ قوم أنهم إن سلموا من الإِثم فليس لهم أجر ، فنزلت .
وهو كالأول ، ألاَّ أنه اختلف في الظان ، ففي الأول ابن جحش ، وفي قول الزمخشري : قوم ، وعلى هذا السبب فمناسبة هذه الآية لما قبلها واضحة .
وقيل : لما أوجب الجهاد بقوله : { كتب عليكم القتال } وبيَّن أن تركه سبب للوعيد ، اتبع ذلك بذكر من يقوم به ، ولا يكاد يوجد وعيد إلاَّ ويتبعه وعد ، وقد احتوت هذه الجملة على ثلاثة أوصاف ، وجاءت مرتبة بحسب الوقائع والواقع ، لأن الإِيمان أولها ، ثم المهاجرة ، ثم الجهاد في سبيل الله .
ولما كان الإِيمان هو الأصل أفرد به موصول وحده ، ولما كانت الهجرة والجهاد فرعين عنه أفردا بموصول واحد ، لأنهما من حيث الفرعية كالشيء الواحد .
وأتى خبر : إن ، جملة مصدرة : بأولئك ، لأن اسم الإشارة هو المتضمن الأوصاف السابقة من الإيمان والهجرة والجهاد ، وليس تكريراً لموصول بالعطف مشعراً بالمغايرة في الذوات ، ولكنه تكرير بالنسبة إلى الأوصاف ، والذوات هي المتصفة بالأوصاف الثلاثة ، فهي ترجع لمعنى عطف الصفة بعضها على بعض للمغايرة ، لا : إن الذين آمنوا ، صنف وحده مغاير : للذين هاجروا وجاهدوا ، وأتى بلفظة : يرجون ، لأنه ما دام المرء في قيد الحياة لا يقطع أنه صائر إلى الجنة ، ولو أطاع أقصى الطاعة ، إذ لا يعلم بما يختم له ، ولا يتكل على عمله ، لأنه لا يعلم أَقُبِل أم لا ؟ وأيضاً فلأن المذكورة في الأية ثلاثة أوصاف ، ولا بدّ مع ذلك من سائر الأعمال ، وهو يرجو أن يوفقه الله لها كما وفقه لهذه الثلاثة ، فلذلك قال : فأولئك يرجون ، أو يكون ذكر الرجاء لما يتوهمون أنهم ما وفوا حق نصرة الله في الجهاد ، ولا قضوا ما لزمهم من ذلك ، فهم يقدمون على الله مع الخوف والرجاء ، كما قال تعالى : { والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة }
وروي عن قتادة أنه قال : هو لأخيار هذه الأمة ، ثم جعلهم الله أهل رجاء ، كما يسمعون ، وقيل : الرجاء دخل هنا في كمية الثواب ووقته ، لا في أصل الثواب ، إذا هو مقطوع متيقن بالوعد الصادق ، و : رحمت ، هنا كتب بالتاء على لغة من يقف عليها بالتاء هنا ، أو على اعتبار الوصل لأنها في الوصل تاء ، وهي سبعة مواضع كتبت : رحمت ، فيها بالتاء .
أحدها هذا ، وفي الأعراف : { إن رحمت الله قريب } وفي هود : { رحمت الله وبركاته } وفي مريم { ذكر رحمت ربك } وفي الزخرف { أهم يقسمون رحمت ربك } { ورحمت ربك خير مما تجمعون } وفي الروم { فانظر إلى آثار رحمت الله }
{ والله غفور رحيم } لما ذكر أنهم طامعون في رحمة الله ، أخبر تعالى أنه متصف بالرحمة ، وزاد وصفاً آخر وهو أنه تعالى متصف بالغفران ، فكأنه قيل : الله تعالى ، عندما ظنوا وطمعوا في ثوابه ، فالرحمة متحققة ، لأنها من صفاته تعالى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.