وروي أن عبد الله بن جحش وأصحابه حين قتلوا ابن الحضرمي ظن قوم أنهم إن سلموا من الإثم لم يكن لهم أخر فنزلت { إن الذين آمنوا } الآية . لأن عبد الله كان مؤمناً وكان مهاجراً وصار بسبب هذا القتال مجاهداً . وقيل : إنه تعالى لما أوجب الجهاد بقوله { كتب عليكم القتال } وبين أن تركه سبب للوعيد ، أتبع ذلك بذكر من يقوم به فقال { إن الذين آمنوا } الآية ولا يكاد يوجد وعيد إلا ويعقبه وعد . ومعنى هاجروا فارقوا أوطانهم وعشائرهم من الهجر الذي هو ضد الوصل . والهجر الكلام القبيح لأنه مما ينبغي أن يهجر . وجاز أن يكون المراد أن الأحباب والأقارب هجروه بسبب هذا الدين وهو أيضاً هجرهم بهذا السبب فكان ذلك مهاجرة . والمجاهدة من الجهد بالفتح الذي هو المشقة ، أو من الجهد بالضم الطاقة لأنه يبذل الجهد في قتال العدو عند فعل العدو مثل ذلك ، ويجوز أن يكون معناها ضم جهده إلى جهد أخيه في نصرة دين الله كالمساعدة ضم ساعده إلى ساعد أخيه لتحصيل القوة { أولئك يرجون رحمة الله } يحتمل أن يكون الرجاء بمعنى القطع واليقين ولكن في أصل الثواب ، والظن إنما دخل في كميته وكيفيته وفي وقته . ويحتمل أن يراد المنافع التي يتوقعونها ، فإن عبد الله بن جحش ما كان قاطعاً بالثواب في عمله بل كان يظن ظناً ، وإنما جعل الوعد معلقاً بالرجاء ليعلم أن الثواب على الإيمان والعمل غير واجب ، وإنما ذلك بفضله ورحمته كما هو مذهبنا . ولو وجب أيضاً صح لأنه متعلق بأن لا يكفر بعد ذلك وهذا الشرط مشكوك . وأيضاً المذكور ههنا هو الإيمان والهجرة والجهاد . ولابد للإنسان مع ذلك من سائر الأعمال والتوفيق فيها مرجو من الله . وأيضاً المراد وصفهم بأنهم يفارقون الدنيا مع هذه الخصال مستقصرين أنفسهم في نصرة دين الله ، فيقدمون عليه راجين رحمته خائفين عقابه { والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون } [ المؤمنون : 60 ] .
{ والله غفور رحيم } يحقق لهم رجاءهم إن شاء بعميم فضله وجسيم طوله . عن قتادة : هؤلاء خيار هذه الأمة . ثم جعلهم الله أهل رجاء كما تسمعون وإنه من رجا طلب ومن خاف هرب . وقال شاه الكرماني : علامة الرجاء حسن الطاعة . وقيل : الرجاء رؤية الجلال بعين الجمال . وقيل : قرب القلب من ملاطفة الرب . روي عن لقمان أنه قال لابنه : خف الله تعالى خوفاً لا تأمن فيه مكره ، وأرجه رجاء أشد من خوفك . قال : فكيف أستطيع ذلك وإنما لي قلب واحد ؟ قال : أما علمت أن المؤمن كذي قلبين يخاف بأحدهما ويرجو بالآخر ؟ وهذا لأنهما من حكم الإيمان وهما للمؤمن كالجناحين للطائر ، إذا استويا استوى الطير وتم في طيرانه . ومن هنا قيل : لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.