إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰٓئِكَ يَرۡجُونَ رَحۡمَتَ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (218)

إِنَّ الذين آمَنُواْ } نزلت في أصحاب السريةِ لما ظُنَّ بهم أنهم إنْ سلِموا من الإثم فلا أجرَ لهم { والذين هَاجَرُواْ وجاهدوا فِي سَبِيلِ الله } كرَّر الموصولَ مع أن المرادَ بهما واحدٌ لتفخيم شأنِ الهجرةِ والجهاد فكأنهما مستقلانِ في تحقيق الرجاء { أولئك } المنعوتون بالنُّعوتِ الجليلة المذكورة { يَرْجُونَ } بما لهم من مبادئ الفوزِ { رَحْمَةِ الله } أي ثوابه ، أثبت لهم الرجاءَ دون الفوز بالمرجوِّ للإيذان بأنهم عالمون بأن العملَ غيرُ موجبٍ للأجر وإنما هو على طريق التفضُّلِ منه سبحانه لا لأن في فوزهم اشتباهاً { والله غَفُورٌ } مبالِغٌ في مغفرةِ ما فرَط من عباده خطأً { رحِيمٌ } يُجزِل لهم الأجرَ والثوابَ ، والجملةُ اعتراضٌ محقَّقٌ لمضمون ما قبلها .