فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَٰهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰٓئِكَ يَرۡجُونَ رَحۡمَتَ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (218)

{ إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم } المصدقون المستيقنون بكل ما يجب الإيمان به والمفارقون أوطانهم والمخرجون منها من أجل الدين الحق وأهل الجهاد لإعلاء لواء الإسلام يؤملون في عفو الله تعالى وصفحه وثوابه ورضوانه وربنا الشكور لن يضل سعيهم ولن يحرمهم أجرهم ونورهم ؛ - يحتمل أن يكون الرجاء بمعنى القطع واليقين ولكن في أصل الثواب ، والظن إنما دخل في كميته وكيفيته وفي وقته وإنما جعل الوعد معلقا بالرجاء ليعلم أن الثواب على الإيمان والعمل غير واجب وإنما ذلك بفضله ورحمته . . وأيضا المراد وصفهم بأنهم يفارقون الدنيا مع هذه الخصال مستقصرين أنفسهم في نصرة دين الله فيقدمون عليه راجين رحمته خائفين عقابه { والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون }{[674]}-{[675]} ، عن قتادة : هؤلاء خيار هذه الأمة ثم جعلهم الله أهل رجاء كما تسمعون وإنه من رجا طلب ، ومن خاف{[676]} هرب .


[674]:من سورة المؤمنون الآية 60.
[675]:ما بين العارضتين مما أورد النيسابوري.
[676]:روي عن لقمان أنه قال لابنه: خف الله تعالى خوفا لا تأمن فيه مكره، وارجه رجاء أشد من خوفك، قال فكيف أستطيع ذلك وإنما لي قلب واحد؟ قال: أما علمت أن المؤمن كذي قلبين يخاف بأحدهما ويرجو بالآخر، وهذا لأنهما من حكم الإيمان وهما للمؤمن كالجناحين للطائر، إذا استويا استوى الطير طيرانه ومن هنا قيل: لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا.