اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَقُلۡنَا يَـٰٓـَٔادَمُ إِنَّ هَٰذَا عَدُوّٞ لَّكَ وَلِزَوۡجِكَ فَلَا يُخۡرِجَنَّكُمَا مِنَ ٱلۡجَنَّةِ فَتَشۡقَىٰٓ} (117)

قوله{[27090]} : { فَقُلْنَا يا آدم إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ } وسبب{[27091]} تلك العداوة من وجوه{[27092]} :

الأول : أن إبليس كان حسوداً ، فلمَّا رأى آثار نِعَم الله تعالى في حق آدم حسده فصار{[27093]} عدواً له .

الثاني : أن آدم -عليه السلام{[27094]}- كان شاباً عالماً لقوله تعالى { وَعَلَّمَ آدَمَ الأسماء كُلَّهَا }{[27095]} ، وإبليس كان شيخاً جاهلاً ، لأنه أثبت فضيلته بفضيلة أصله ، وذلك جهل والشيخ أبداً يكون عدواً للشَّاب العالم .

الثالث : أن إبليس مخلوق من النار وآدم مخلوق من الماء والتراب ، فبين أصليهما{[27096]} عداوة ، فبقيت تلك العداوة{[27097]} .

فإن قيل : لم قال : { فَلاَ يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الجنة } مع أن المخرج لهما من الجنة هو الله تعالى{[27098]} ؟

فالجواب لما كان بوسوسته{[27099]} هوة الذي فعل ما ترتب عليه الخروج صح{[27100]} ذلك{[27101]} . قوله : { فَتَشْقَى } منصوب بإضمار ( أنْ ) في جواب النهي{[27102]} ، والنهي في الصورة لإبليس والمراد به هما ، أي لا تَتَعَاطَيَا أسباب الخروج ( فيحصل لكما الشقاء ){[27103]} ، وهو الكد والتعب الدنيوي خاصة . ويجوز أن يكون مرفوعاً على الاستئناف ، أي : فأنت تشقى ، كذا قدره أبو حيان{[27104]} .

وهو{[27105]} بعيد أو ممتنع ، إذ ليس المقصود{[27106]} الإخبار بأنه يشقى بل{[27107]} إن وقع الإخراج لهما من إبليس حصل ما ذكر . وأسند الشقاء{[27108]} إليه دونها ، لأن الأمور معدوقة برؤوس الرجال ، وحسن ذلك كونه رأس فاصلة ، ولأنَّه إن{[27109]} أريد بالشقاء التعب في طلب القوت فذلك على الرجل دون المرأة .


[27090]:قوله: سقط من ب.
[27091]:في ب: فصل سبب.
[27092]:من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي 22/124 – 125.
[27093]:في ب: وصار.
[27094]:في ب: عليه الصلاة والسلام.
[27095]:[البقرة: 31].
[27096]:في ب: أصلهما.
[27097]:آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي 22/124 – 125.
[27098]:تعالى: سقط من ب.
[27099]:في ب: لما كان بوسوستهما أعني بوسوسته. وهو تحريف.
[27100]:في ب: فصح.
[27101]:انظر الفخر الرازي 22/125.
[27102]:وذلك أنّ "أنْ" تنصب الفعل مضمرة بعد فاء جواب نهي، والنهي هنا قوله: "فلا يخرجنكما". وانظر البحر المحيط 6/284.
[27103]:ما بين القوسين سقط من ب.
[27104]:انظر البحر المحيط 6/284.
[27105]:في ب: وهذا.
[27106]:المقصود: سقط من ب.
[27107]:في ب: بعد.
[27108]:في الأصل: الشقاوة. وهو تحريف.
[27109]:أن: سقط من ب.