البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{قَدۡ أَفۡلَحَ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ} (1)

مقدمة السورة:

سورة المؤمنون

هذه السورة مكية بلا خلاف ، وفي الصحيح للحاكم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : « لقد أنزلت عليّ عشر آيات من أقامهن دخل الجنة » ثم قرأ قد { أفلح المؤمنون } إلى عشر آيات .

0

0

وقرأ طلحة بن مصرف وعمرو بن عبيد { قد أفلح المؤمنون } بضم الهمزة وكسر اللام مبنياً للمفعول ، ومعناه ادخلوا في الفلاح فاحتمل أن يكون من فلح لازماً أو يكون أفلح يأتي متعدياً ولازماً .

وقرأ طلحة أيضاً بفتح الهمزة واللام وضم الحاء .

قال عيسى بن عمر : سمعت طلحة بن مصرف يقرأ قد أفلحوا المؤمنون ، فقلت له : أتلحن ؟ قال : نعم ، كما لحن أصحابي انتهى .

يعني أن مرجوعه في القراءة إلى ما روي وليس بلحن لأنه على لغة أكلوني البراغيث .

وقال الزمخشري : أو على الإبهام والتفسير .

وقال ابن عطية : وهي قراءة مردودة ، وفي كتاب ابن خالويه مكتوباً بواو بعد الحاء ، وفي اللوامح وحذفت واو الجمع بعد الحاء لالتقائهما في الدرج ، وكانت الكتابة عليها محمولة على الوصل نحو { ويمح الله الباطل } وقال الزمخشري : وعنه أي عن طلحة { أُفلحُ } بضمة بغير واو اجتزاء بها عنها كقوله :

فلو أن الأطباء كان حولي***

انتهى .

وليس بجيد لأن الواو في { أفلح } حذفت لالتقاء الساكنين وهنا حذفت للضرورة فليست مثلها .

قال الزمخشري : قد تقتضيه لما هي تثبت المتوقع ولما تنفيه ، ولا شك أن المؤمنين كانوا متوقعين لمثل هذه البشارة وهي الإخبار بثبات الفلاح لهم ، فخوطبوا بما دل على ثبات ما توقعوه انتهى .