البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَقَالُواْ مَالِ هَٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأۡكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمۡشِي فِي ٱلۡأَسۡوَاقِ لَوۡلَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مَلَكٞ فَيَكُونَ مَعَهُۥ نَذِيرًا} (7)

{ وقالوا } الضمير لكفار قريش ، وكانوا قد جمعهم والرسول مجلس مشهور ذكره ابن إسحاق في السير فقال عتبة وغيره : إن كنت تحب الرئاسة ولَّيناك علينا أو المال جمعنا لك ، فلما أبي عليهم اجتمعوا عليه فقالوا : مالك وأنت رسول من الله تأكل الطعام وتقف بالأسواق لالتماس الرزق سل ربك أن ينزل معك ملكاً ينذر معك ، أو يلقي إليك كنزاً تنفق منه ، أو يرد لك جبال مكة ذهباً وتزال الجبال ، ويكون مكانها جنات تطرد فيها المياه وأشاعوا هذه المحاجة فنزلت الآية .

وكتب في المصحف لام الجر مفصولة من { هذا } و { هذا } استفهام يصحبه استهزاء أي { مال هذا } الذي يزعم أنه رسول أنكروا عليه ما هو عادة للرسل كما قال { وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلاّ أنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق } أي حاله كحالنا أي كان يجب أن يكون مستغنياً عن الأكل والتعيش ، ثم قالوا : وهب أنه بشر فهلا أرفد بملك ينذر معه أو يلقى إليه كنز من السماء يستظهر به ولا يحتاج إلى تحصيل المعاش .

ثم اقتنعوا بأن يكون له بستان يأكل منه ويرتزق كالمياسير .

وقرىء فتكون بالرفع حكاه أبو معاذ عطفاً على { أنزل } لأن { أنزل } في موضع رفع وهو ماض وقع موقع المضارع ، أي هلا ينزل إليه ملك أو هو جواب التحضيض على إضمار هو ، أي فهو يكون .

وقراءة الجمهور بالنصب على جواب التحضيض .