فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَقَالُواْ مَالِ هَٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأۡكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمۡشِي فِي ٱلۡأَسۡوَاقِ لَوۡلَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ مَلَكٞ فَيَكُونَ مَعَهُۥ نَذِيرًا} (7)

ثم لما فرغ سبحانه من ذكر ما طعنوا به على القرآن ، ذكر ما طعنوا به على الرسول صلى الله عليه وسلم فقال :

{ وَقَالُوا : مَالِ هَذَا الرَّسُولِ ؟ } في الإشارة هنا تصغير لشأن المشار إليه ، وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم وسموه رسولا استهزاء وسخرية ، وحاصل ما ذكر هنا ستة قبائح ، والأخيرة هي قوله { إلا رجلا مسحورا } وقد رد الله عليهم هذه الستة إجمالا في البعض ، وتفصيلا في البعض ، والمعنى ، أي شيء . وأي سبب حصل ، لهذا الذي يدعي الرسالة حال كونه { يَأْكُلُ الطَّعَامَ } كما نأكله .

{ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ } ويتردد فيها لطلب المعاش كما نتردد ، زعموا أنه كان يجب أن يكون الرسول ملكا مستغنيا عن الطعام ، والكسب ، والاستفهام للإنكار ، وهو يرجع إلى السبب مع تحقيق المسبب ، وهو الأكل والمشي ، ولكنه استبعد تحقق ذلك لانتفاء سببه عندهم ، تهكما واستهزاء ، والمعنى : أنه إن صح ما يدعيه من النبوة فما باله يخالف حاله حالنا ؟ { لَوْلَا } للتحضيض ، هذا ما استظهره ابن هشام ، بعد نقله عن الهروي أنها للاستفهام أي : هلا .

{ أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا } طلبوا أن يكون النبي مصحوبا بملك . يعضده ويساعده ، تنزلوا عن اقتراح كون الرسول ملكا ، مستغنيا عن الأكل والكسب ، إلى اقتراح أن يكون معه ملك يصدقه ، ويشهد له بالرسالة