فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَفَبِعَذَابِنَا يَسۡتَعۡجِلُونَ} (204)

{ فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ ؟ } أي مؤخرون وممهلون عن الهلاك ولو طرفة عين لنؤمن ، قالوا هذا تحسرا على ما فات من الإيمان ، وطمعا في المحال وهو إمهالهم بعد مجيء العذاب ، وتمنيا للرجعة إلى الدنيا لاستدراك ما فرط منهم ، فيقال لهم لا تأخير ولا إمهال ، وقيل المراد بقولهم هذا الاستعجال للعذاب على طريقة الاستهزاء لقوله :

{ أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ ؟ } ولا يخفى ما في هذا من البعد والمخالفة للمعنى الظاهر فإن معنى { هَلْ نَحْنُ مُنظَرُونَ } طلب النظرة والإمهال ، وأما قوله ( أفبعذابنا الخ ) فالمراد به الرد عليهم ، والإنكار لما وقع منهم من قولهم { أمطر علينا حجارة من السماء ، أو ائتنا بعذاب أليم } وقولهم : { فائتنا بما تعدنا } حيث استعجلوا ما فيه ضررهم ، وحتف أنفسهم ، والفاء للعطف على مقدر يقتضيه المقام ، أي أيكون حالهم كما ذكر عند نزول العذاب ؟ فيستعجلون به وبينهما من التنافي ما لا يخفى على أحد ، أو أيغفلون عن ذلك مع تحققه وتقرره فيستعجلون ، وتقديم الظرف لرعاية الفواصل .