البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَقَالُوٓاْ أَءِذَا ضَلَلۡنَا فِي ٱلۡأَرۡضِ أَءِنَّا لَفِي خَلۡقٖ جَدِيدِۭۚ بَلۡ هُم بِلِقَآءِ رَبِّهِمۡ كَٰفِرُونَ} (10)

والظاهر أن { وقالوا } ، الضمير لجمع ، وقيل : القائل أبيّ بن خلف ، وأسند إلى الجمع لرضاهم به ، والناصب للظرف محذوف يدل عليه { أئنا } وما بعدها تقديره انبعث .

{ أئذا ضللنا } ، ومن قرأ إذا بغير استفهام ، فجواب إذا محذوف ، أي : إذا ضللنا في الأرض نبعث ، ويكون إخباراً منهم على طريق الاستهزاء .

وكذلك من قرأ : إنا على الخبر ، أكدوا ذلك الاستهزاء باستهزاء آخر .

وقرأ الجمهور : بفتح اللام ، والمضارع يضل بكسر عين الكلمة ، وهي اللغة الشهيرة الفصحية ، وهي لغة نجد .

قال مجاهد : هلكنا ، وكل شيء غلب عليه غيره حتى تلف وخفي فقد هلك ، وأصله من : ضل الماء في اللبن ، إذا ذهب .

وقال قطرب : ضللنا : غبنا في الأرض ، وأنشد قول النابغة الذبياني :

فآب مضلوه بعين جلية *** وغودر بالجولان حزم ونائل

وقرأ يحيى بن يعمر ، وابن محيصن ، وأبو رجاء ، وطلحة ، وابن وثاب : بكسر اللام ، والمضارع بفتحها ، وهي لغة أبي العالية .

وقرأ أبو حيوة : ضللنا ، بالضاد المنقوطة وضمها وكسر اللام مشددة ، ورويت عن علي .

وقرأ علي ، وابن عباس ، والحسن ، والأعمش ، وأبان ين سعيد بن العاص : صللنا ، بالصاد المهملة وفتح اللام ، ومعناه : أنتنا .

وعن الحسن : صللنا ، بكسر اللام ، يقال : صل يصل ، بفتح العين في الماضي وكسرها في المضارع ؛ وصل يصل : بكسر العين في الماضي وفتحها في المضارع ؛ وأصل يصل ، بالهمزة على وزن أفعل .

قال الشاعر :

تلجلج مضغة فيها أبيض *** أصلت فهي تحت الكشح داء

وقال الفراء : معناه صرنا بين الصلة ، وهي الأرض اليابسة الصلبة .

وقال النحاس : لا نعرف في اللغة صللنا ، ولكن يقال : أصل اللحم وصل ، وأخم وخم إذ أنتن ، وحكاه غيره .

{ بل هم بلقاء ربهم كافرون } : جاحدون بلقاء الله والصيرورة إلى جزائه .