البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{رُدُّوهَا عَلَيَّۖ فَطَفِقَ مَسۡحَۢا بِٱلسُّوقِ وَٱلۡأَعۡنَاقِ} (33)

وقال الزمخشري : فإن قلت : بم اتصل قوله : { ردوها عليّ } ؟ قلت : بمحذوف تقديره : قال ردوها عليّ ، فأضمروا ضمير ما هو جواب له ، كأن قائلاً قال : فماذا قال سليمان ؟ لأنه موضع مقتض للسؤال اقتضاء ظاهراً .

ثم ذكر الزمخشري لفظاً فيه غض من النبوة فتركته .

وما ذهب إليه من هذا الإضمار لا يحتاج إليه ، إذ الجملة مندرجة تحت حكاية القول وهو : { فقال إني أحببت } .

فهذه الجملة وجملة { ردوها علي } محكيتان بقال ، وطفق من أفعال المقاربة للشروع في الفعل ، وحذف غيرها لدلالة المصدر عليه ، أي فطفق يمسح مسحاً .

وقرأ الجمهور : { مسحاً } : وزيد بن علي : مساحاً ، على وزن قتال ، والباء { بالسوق } زائدة ، كهي في قوله : { فامسحوا بوجوهكم وأيديكم } وحكى سيبويه : مسحت برأسه ورأسه بمعنى واحد ، وتقدم الكلام على ذلك في المائدة .

وقرأ الجمهور : بالسوق ، بغير همز على وزن فعل ، وهو جمع ساق ، على وزن فعل بفتح العين ، كأسد وأسد ؛ وابن كثير بالهمز ، قال أبو علي : وهي ضعيفة ، لكن وجهها في القياس أن الضمة لما كانت تلي الواو وقدر أنها عليها فهمزت ، كما يفعلون بالواو المضمومة .

ووجه همز السوق من السماع أن أبا حبة النميري كان يهمز كل واو ساكنة قبلها ضمة ، وكان ينشد :

حب المؤقدين إلى مؤسى . . .

انتهى .

وليست ضعيفة ، لأن الساق فيه الهمزة ، ووزن فعل بسكون العين ، فجاءت هذه القراءة على هذه اللغة .

وقرأ ابن محيصن : بهمزة بعدها الواو ، رواهما بكار عن قنبل .

وقرأ زيد بن علي : بالساق مفرداً ، اكتفى به عن الجمع لأمن اللبس .

ومن غريب القول أن الضمير في ردوها عائد على الشمس ، وقد اختلفوا في عدد هذه الخيل على أقوال متكاذبة ، سودوا الورق بذكرها .