البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا مُوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَآ إِلَىٰ فِرۡعَوۡنَ وَمَلَإِيْهِۦ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (46)

مناسبة هذه الآية لما قبلها من وجهين : أحدهما : أنه لما تقدم طعن قريش على الرسول ، واختيارهم أن ينزل القرآن على رجل من القريتين عظيم ، أي في الجاه والمال ؛ وذكر أن مثل ذلك سبقهم إليه فرعون في قوله : { أليس لي ملك مصر } ؟ إلى آخر الآية ، أتبعه بالملك والمال ، ففرعون قدوتهم في ذلك ، ومع ذلك ، فصار فرعون مقهوراً مع موسى منتقماً منه ، فكذلك قريش .

والوجه الثاني : أنه لما قال : { واسأل من أرسلنا } الآية ، ذكر وقته موسى وعيسى ، وهما أكبر إتباعاً ممن سبقهم من الأنبياء ، وكل جاء بالدعاء إلى الله وإفراده بالعبادة ، فلم يكن فيما جاء أبداً إباحة اتخاذ آلهة من دون الله ، كما اتخذت قريش ، فناسب ذكر قصتهما للآية التي قبلها .

وآيات موسى هي المعجزات التي أتى بها .

وخص الملائكة بالذكر ، وهم الأشراف لأن غيرهم من الناس تبع لهم .