يعشو : يعرض ، ويعش : يعمى . وقال ابن قتيبة : لم نر أحداً حكى : عشوت عن الشيء : أعرضت عنه ، وإنما يقال : تعاشيت عن كذا وتعاميت ، إذا تغافلت عنه . وتقول : عشوت إلى النار ، إذا استدللت عليها ببصر ضعيف . وقيل : عشى يعشى ، إذا حصلت الآفة في بصره . وعشا يعشو : نظر المعشى ولا آفة به ، كما قال : عرج لمنبه الآفة ، وعرج لمن مشى مشيه العرجان من غير عرج . قال الحطيئة :
متى تأته تعشو إلى ضوء ناره *** تجد حير نارٍ عندها خير موقد
أي : تنظر إليها نظر المعشى ، لما يضعف بصر من عظيم الوقود به ، ومنه قول حاتم :
أعشو إذا ما جارتي برزت *** حتى يواري جارتي الخدر
وقرأ : ومن يعش ، بضم الشين ، أي يتعام ويتجاهل عن ذكره ، وهو يعرف الحق .
وقيل : يقل نظره في شرع الله ، ويغمض جفونه عن النظر في : { ذكر الرحمن } .
والذكر هنا ، يجوز أن يراد به القرآن ، واحتمل أن يكون مصدراً أضيف إلى المفعول ، أي يعش عن أن يذكر الرحمن .
وقال ابن عطية : أي فيما ذكر عباده ، فالمصدر مضاف إلى الفاعل .
انتهى ، كأنه يريد بالذكر : التذكير .
وقرأ يحيى بن سلام البصري : ومن يعش ، بفتح الشين ، أي يعم عن ذكر الرحمن ، وهو القرآن ، كقوله : { صم بكم عمي } وقرأ زيد بن علي : يعشو بالواو .
وقال الزمخشري : على أن من موصولة غير مضمنة معنى الشرط ، وحق هذا القارىء أن يرفع نقيض . انتهى .
ولا يتعين ما قاله ، إذ تتخرج هذه القراءة على وجهين : أحدهما : أن تكون من شرطية ، ويعشو مجزوم بحذف الحركة تقديراً .
وقد ذكر الأخفش أن ذلك لغة بعض العرب ، ويحذفون حروف العلة للجازم .
والمشهور عند النحاة أن ذلك يكون في الشعر ، لا في الكلام .
والوجه الثاني : أن تكون من موصولة والجزم بسببها للموصول باسم الشرط ، وإذا كان ذلك مسموعاً في الذي ، وهو لم يكن اسم شرط قط ، فالأولى أن يكون فيما استعمل موصولاً وشرطاً .
ولا تحفرن بئراً تريد أخاً بها *** فإنك فيها أنت من دونه تقع
كذاك الذي يبغي على الناس ظالماً *** تصبه على رغم عواقب ما صنع
أنشدهما ابن الأعرابي ، وهو مذهب الكوفيين ، وله وجه من القياس ، وهو : أنه كما شبه الموصول باسم الشرط فدخلت الفاء في خبره ، فكذلك يشبه به فينجزم الخبر ، إلا أن دخول الفاء منقاس إذا كان الخبر مسبباً عن الصلة بشروطه المذكورة في علم النحو ، وهذا لا ينفيه البصريون .
وقرأ الجمهور : نقيض ، بالنون ؛ وعلي ، والسلمي ، والأعمش ، ويعقوب ، وأبو عمرو : بخلاف عنه ؛ وحماد عن عاصم ، وعصمة عن الأعمش ، وعن عاصم ، والعليمي عن أبي بكر : بالياء ، أي يقبض الرحمن ؛ وابن عباس : يقبض مبنياً للمفعول .
{ له شيطاناً } : بالرفع ، أي ييسر له شيطان ويعدله ، وهذا عقاب على الكفر بالحتم وعدم الفلاح .
كما يقال : إن الله يعاقب على المعصية بالتزايد من السيئات .
وقال الزمخشري : يخذله ، ويحل بينه وبين الشياطين ، كقوله : { وقضينا له قرناء } { ألم تر إنا أرسلنا الشياطين } انتهى ، وهو على طريقة الاعتزال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.