البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَزُخۡرُفٗاۚ وَإِن كُلُّ ذَٰلِكَ لَمَّا مَتَٰعُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۚ وَٱلۡأٓخِرَةُ عِندَ رَبِّكَ لِلۡمُتَّقِينَ} (35)

وزخرفاً . قال الزمخشري : وجعلنا لهم زخرفاً ، ويجوز أن يكون الأصل : سقفاً من فضة وزخرف ، يعني : بعضها من فضة وبعضها من ذهب ، فنصب عطفاً على محل من فضة . انتهى .

والزخرف : الذهب هنا ، قاله ابن عباس والحسن وقتادة والسدي .

وفي الحديث : « إياكم والحمرة فإنها من أحب الزينة إلى الشيطان » قال ابن عطية : الحسن أحمر ، والشهوات تتبعه . انتهى .

قال بعض شعرائنا :

وصبغت درعك من دماء كماتهم *** لما رأيت الحسن يلبس أحمرا

وقال ابن زيد : الزخرف : أثاث البيت ، وما يتخذ له من السرور والنمارق .

وقال الحسن : النقوش ، وقيل : التزاويق ، كالنقش .

وقرأ الجمهور : لما ، بفتح اللام وتخفيف الميم : هي مخففة من الثقيلة ، واللام الفارقة بين الإيجاب والنفي ، وما : زائدة ، ومتاع : خبر كل .

وقرأ الحسن ، وطلحة ، والأعمش ، وعيسى ، وعاصم ، وحمزة : لما ، بتشديد الميم ، وإن : نافية ، ولما : بمعنى إلا .

وقرأ أبو رجاء ، وأبو حيوة : لما ، بكسر اللام ، وخرّجوه على أن ما موصولة ، والعائد محذوف تقديره : للذي هو متاع كقوله : { تماماً على الذين أحسن } وإن في هذا التخريج هي المخففة من الثقيلة ، وكل : مبتدأ وخبره في المجرور ، أي : وإن كل ذلك لكائن ، أو لمستقر الذي هو متاع ، ومن حيث هي المخففة من الثقيلة ، كان الإتيان باللام هو الوجه ، فكان يكون التركيب لكما متاع ، لكنه قد تحذف هذه اللام إذا دل المعنى على أن إن هي المخففة من الثقيلة ، فلا يجر إلى ذكر اللام الفارقة ، ومن ذلك قول الشاعر :

ونحن أباة الضيم من آل مالك *** وإن مالك كانت كرام المعادن

يريد : لكانت ، ولكنه حذف لأنه لا يتوهم في إن أن تكون نافية ، لأن صدر البيت يدل على المدح ، وتعين إن لكونها المخففة من الثقيلة .

{ والآخرة عند ربك للمتقين } : أي ونعيم الآخرة ، وفيه تحريض على التقوى .