البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٖ جَاثِيَةٗۚ كُلُّ أُمَّةٖ تُدۡعَىٰٓ إِلَىٰ كِتَٰبِهَا ٱلۡيَوۡمَ تُجۡزَوۡنَ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (28)

{ جاثية } : باركة على الركب مستوفرة ، وهي هيئة المذنب الخائف .

وقرئ : جاذية ، بالذال ؛ والجذو أشد استيفازاً من الجثو ، لأن الجاذي هو الذي يجلس على أطراف أصابعه .

وعن ابن عباس : جاثية : مجتمعة .

وعن قتادة : جماعات ، من الجثوة : وهي الجماعة ، يجمع على جثى ، قال الشاعر :

ترى جثو بين من تراب عليهما *** صفائح صم من صفيح منضد

وعن مورج السدوسي : جاثية : خاضعة ، بلغة قريش .

وعن عكرمة : جاثية : متميزة .

وقرأ يعقوب : { كل أمة تدعى } ، بنصب كل أمة على البدل ، بدل النكرة الموصوفة من النكرة ؛ والظاهر عموم كل أمة من مؤمن وكافر .

قال الضحاك : وذلك عند الحساب .

وقال يحيى بن سلام : ذلك خاص بالكفار ، تدعى إلى كتابها المنزل عليها ، فتحاكم إليه ، هل وافقته أو خالفته ؟ أو الذي كتبته الحفظة ، وهو صحائف أعمالها ، أو اللوح المحفوظ ، أو المعنى إلى ما يسبق لها فيه ، أي إلى حسابها ، أقوال .

وأفراد كتابها اكتفاء باسم الجنس لقوله : { ووضع الكتاب } { اليوم تجزون } .