البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَفَتَحۡنَآ أَبۡوَٰبَ ٱلسَّمَآءِ بِمَآءٖ مُّنۡهَمِرٖ} (11)

انهمر الماء : نزل بقوة غزيراً ، قال الشاعر :

راح تمريه الصبا ثم تنحى *** فيه شؤبوب جنوب منهمر

{ ففتحنا } : بيان أن الله تعالى انتصر منهم وانتقم .

قيل : ومن العجب أنهم كانوا يطلبون المطر سنين ، فأهلكهم الله تعالى بمطلوبهم .

{ أبواب السماء بماء } : جعل الماء كأنه آلة يفتح بها ، كما تقول : فتحت الباب بالمفتاح ، وكأن الماء جاء وفتح الباب ، فجعل المقصود ، وهو الماء ، مقدّماً في الوجود على فتح الباب المغلق .

ويجوز أن تكون الباء للحال ، أي ملتبسة بماء منهمر .

وقرأ ابن عامر وأبو جعفر والأعرج ويعقوب : ففتحنا مشدّداً ؛ والجمهور : مخففاً ، { أبواب السماء } ، هذا عند الجمهور مجاز وتشبيه ، لأن المطر كثره كأنه نازل من أبواب ، كما تقول : فتحت أبواب القرب ، وجرت مزاريب السماء .

وقال عليّ ، وتبعه النقاش : يعني بالأبواب المجرة ، وهي سرع السماء كسرع العيبة .

وذهب قوم إلى أنها حقيقة فتحت في السماء أبواب جرى منها الماء ، ومثله مروي عن ابن عباس ، قال : أبواب السماء فتحت من غير سحاب ، لم تغلق أربعين يوماً .

قال السدي : { منهمر } : أي كثير .

قال الشاعر :

أعينيّ جودا بالدموع الهوامر *** على خير باد من معد وحاضر