البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{سَيَعۡلَمُونَ غَدٗا مَّنِ ٱلۡكَذَّابُ ٱلۡأَشِرُ} (26)

وقرأ علي والجمهور : سيعلمون بياء الغيبة ، وهو من إعلام الله تعالى لصالح عليه السلام ؛ وابن عامر وحمزة وطلحة وابن وثاب والأعمش : بتاء الخطاب : أي قل لهم يا صالح وعداً يراد به الزمان المستقبل ، لا اليوم الذي يلي يوم خطابهم ، فاحتمل أن يكون يوم العذاب الحال بهم في الدنيا ، وأن يكون يوم القيامة ، وقال الطرماح :

ألا عللاني قبل نوح النوائح *** وقبل اضطراب النفس بين الجوانح

وقبل غد يا لهف نفسي في غد *** إذا راح أصحابي ولست برائح

أراد وقت الموت ، ولم يرد غداً بعينه .

وفي قوله : { سيعلمون غداً } تهديد ووعيد ببيان انكشاف الأمر ، والمعنى : أنهم هم الكذابون الأشرون .

وأورد ذلك مورد الإبهام والاحتمال ، وإن كانوا هم المعنيين بقوله تعالى ، حكاية عن قول نوح عليه الصلاة والسلام : { فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه } والمعنى به قومه ، وكذا قول شعيب عليه السلام : { سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ومن هو كاذب } وقول الشاعر :

فلئن لقيتك خاليين لتعلمن *** أني وأيك فارس الأحزاب

وإنما عنى أنه فارس الأحزاب ، لا الذي خاطبه .