قوله : { إِنَّ لَكَ فِي النهار سَبْحَاً طَوِيلاً } .
قرأ العامة : بالحاء المهملة ، وهو مصدر «سَبح » ، وهو استعارة للتصرف في الحوائج من السباحة في الماء ، وهي البعد فيه .
وقال القرطبيُّ{[58325]} : " السَّبْحُ " الجري ، والدوران ، ومنه السباحة في الماء لتقلبه بيديه ورجليه ، وفرس سابح " شديد الجري " .
4922 - مِسَحٍّ إذَا ما السَّابحَاتُ عَلى الوَنَى***أثَرْنَ غُبَاراً بالكَديدِ المُركَّلِ{[58326]}
وقيل : السبح : الفراغ ، أي : إن لك فراغاً للحاجات بالنهار .
وعن ابن عباس وعطاء : " سَبْحاً طَويْلاً " يعني فراغاً طويلاً يعني لنومك ، وراحتك فاجعل ناشئة الليل لعبادتك{[58327]} .
وقرأ يحيى بن يعمر{[58328]} ، وعكرمة وابن أبي عبلة : " سَبْخاً " بالخاء المعجمة .
واختلفوا في تفسيرها : فقال الزمخشريُّ : " استعارة من سبخ الصوف ، وهو نفشه ، ونشر أجزائه لانتشار الهمِّ ، وتفريق القلب بالشواغل " .
وقيل : التسبيخ ، التخفيف ، حكى الأصمعيُّ : " سبخ الله عنك الحمى ، أي : خففها عنك " .
4923 - فَسَبِّخْ عليْكَ الهَمَّ واعْلَمْ بأنَّهُ*** إذَا قدَّر الرَّحمنُ شَيْئاً فكَائِنُ{[58329]}
أي : خفف ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشةَ ، وقد دعت على سارق ردائها : «لا تُسبِّخِي بدُعَائكِ عليْهِ » ، أي : لا تخففي إثمه{[58330]} .
وقيل : التسبيخ : المد ، يقال : سبخي قُطنكِ ، أي : مديه ، والسبيخة : قطعة من القطن ، والجمع : سبائخ ؛ قال الأخطل يصف صائداً وكلاباً : [ البسيط ]
4924- فَأرْسلُوهُنَّ يُذْرينَ التُّرابَ كمَا*** يُذْرِي سَبائِخَ قُطْنٍ نَدْفُ أوْتَارِ{[58331]}
وقال أبو الفضل الرازي : «قرأ ابن يعمر وعكرمة : " سَبْخاً " - بالخاء المعجمة - وقالا : معناه نوماً ، أي : ينام بالنهار ؛ ليستعين به على قيام الليل ، وقد تحتمل هذه القراءة غير هذا المعنى ، لكنهما فسراها : فلا تجاوز عنه » .
قال شهاب الدين{[58332]} : «في هذا نظرٌ ، لأنهما غاية ما في الباب أنهما نقلا هذه القراءة ، وظهر لهما تفسيرها بما ذكر ، ولا يلزم من ذلك أنه لا يجوز غير ما ذكر من تفسير اللفظة » .
وقال ثعلب : " السَّبْخُ - بالخاء المعجمة - التردد والاضطراب ، والسبح : السكون " .
ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : " الحُمَّى من فَيْحِ جَهنَّمَ فَسبِّحُوهَا بالمَاء " ، أي فسكِّنُوهَا بالمَاءِ{[58333]} .
وقال أبو عمرو : السَّبْخُ : النوم والفراغ ، فعلى هذا يكون من الأضداد ، ويكون بمعنى السبح بالحاء المهملة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.