فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّ لَكَ فِي ٱلنَّهَارِ سَبۡحٗا طَوِيلٗا} (7)

{ إِنَّ لَكَ فِي النهار سَبْحَاً طَوِيلاً } قرأ الجمهور : { سبحاً } بالحاء المهملة : أي تصرفاً في حوائجك ، وإقبالاً وإدباراً ، وذهاباً ومجيئاً . والسبح : الجري والدوران ، ومنه السباحة في الماء لتقلبه ببدنه ورجليه ، وفرس سابح : أي شديد الجري . وقيل : السبح الفراغ : أي إن لك فراغاً بالنهار للحاجات ، فصلّ بالليل . قال ابن قتيبة : أي تصرّفاً ، وإقبالاً وإدباراً في حوائجك وأشغالك . وقال الخليل : إن لك في النهار سبحاً : أي نوماً ، والتسبح التمدّد . قال الزجاج : المعنى إن فاتك في الليل شيء فلك في النهار فراغ للاستدراك . وقرأ يحيى بن يعمر وأبو وائل وابن أبي عبلة : «سبخاً » بالخاء المعجمة . قيل : ومعنى هذه القراءة : الخفة والسعة والاستراحة . قال الأصمعي : يقال : سبخ الله عنك الحمى : أي خففها ، وسبخ الحرّ فتر وخفّ ، ومنه قول الشاعر :

فسبخ عليك الهمّ واعلم بأنه *** إذا قدّر الرحمن شيئًا فكائن

أي خفف عنك الهمّ . والتسبيخ من القطن : ما ينسج بعد الندف ، ومنه قول الأخطل :

فأرسلوهنّ يذرين التراب كما *** تذري سبائخ قطن ندف أوتار

قال ثعلب : السبخ بالخاء المعجمة التردّد والاضطراب ، والسبخ السكون . وقال أبو عمرو : السبخ النوم والفراغ .

/خ18