مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{إِنَّ لَكَ فِي ٱلنَّهَارِ سَبۡحٗا طَوِيلٗا} (7)

قوله تعالى : { إن لك في النهار سبحا طويلا } وفيه مسألتان :

المسألة الأولى : قال المبرد : سبحا أي تقلبا فيما يجب ولهذا سمي السابح سابحا لتقلبه بيديه ورجليه ، ثم في كيفية المعنى وجهان ( الأول ) إن لك في النهار تصرفا وتقلبا في مهماتك فلا تتفرغ لخدمة الله إلا بالليل ، فلهذا السبب أمرتك بالصلاة في الليل ( الثاني ) قال الزجاج : أي إن فاتك من الليل شيء من النوم والراحة فلك في النهار فراغه فاصرفه إليه .

المسألة الثانية : قرئ { سبخا } بالخاء المنقطة من فوق ، وهو استعارة من سبخ الصوف وهو نفشه ونشر أجزائه ، فإن القلب في النهار يتفرغ بسبب الشواغل ، وتختلف همومه بسبب الموجبات المختلفة ، واعلم أنه تعالى أمر رسوله أولا بقيام الليل ، ثم ذكر السبب في أنه لم خص الليل بذلك دون النهار ، ثم بين أن أشرف الأعمال المأمور بها عند قيام الليل ما هو .