الخامسة- قوله تعالى{[15508]} : " إن لك في النهار سبحا طويلا " قراءة العامة بالحاء غير معجمة ، أي تصرفا في حوائجك ، وإقبالا وإدبارا وذهابا ومجيئا . والسبح : الجري والدوران ، ومنه السابح في الماء ؛ لتقلبه بيديه ورجليه . وفرس سابح : شديد الجري ، قال امرؤ القيس :
مِسَحٌ إذا ما السَّابِحَاتُ على الوَنَى *** أثَرْنَ الغُبَارَ بالكَدِيدِ المُرَكَّلِ{[15509]}
وقيل : السبح الفراغ ، أي إن لك فراغا للحاجات بالنهار . وقيل : " إن لك في النهار سبحا " أي نوما ، والتسبح التمدد ، ذكره الخليل . وعن ابن عباس وعطاء : ( سبحا طويلا ) يعني فراغا طويلا لنومك وراحتك ، فاجعل ناشئة الليل لعبادتك ، وقال الزجاج : إن فاتك في الليل ، شيء فلك في النهار فراغ الاستدراك .
وقرأ يحيى بن يعمر وأبو وائل " سبخا " بالخاء المعجمة . قال المهدوي : ومعناه النوم روى ذلك عن القارئين بهذه القراءة . وقيل : معناه الخفة والسعة والاستراحة ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة وقد دعت على سارق ردائها : ( لا تسبخي ( عنه{[15510]} ) بدعائك عليه ) . أي لا تخففي عنه إثمه ، قال الشاعر :
فَسَبِّخْ عليك الهَمَّ واعلم بأنَّهُ *** إذا قَدَّرَ الرحْمَنُ شيئا فكائِنْ
الأصمعي : يقال سبخ الله عنك الحمى أي خففها . وسبخ الحر{[15511]} : فتر وخف . والتسبيخ النوم الشديد . والتسبيخ أيضا توسيع القطن والكتان والصوف وتنفيشها ، يقال للمرأة : سبخي قطنك . والسبيخ من القطن ما يسبخ بعد الندف ، أي يلف لتغزله المرأة ، والقطعة منه سبيخة ، وكذلك من الصوف والوبر . ويقال لقطع القطن سبائخ ، قال الأخطل يصف القناص والكلاب :
فأرسلوهن يُذْرين التُّرَابَ كما *** يُذْرِي سَبَائِخَ قُطْنٍ نَدْفُ أوتَارِ
وقال ثعلب : السبخ بالخاء التردد والاضطراب ، والسبخ أيضا السكون ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الحمى من فيح جهنم ، فسبخوها بالماء ) أي سكنوها . وقال أبو عمرو : السبخ : النوم والفراغ .
قلت : فعلى هذا يكون من الأضداد وتكون بمعنى السبح ، بالحاء غير المعجمة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.