أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلۡمُجۡرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ رَبَّنَآ أَبۡصَرۡنَا وَسَمِعۡنَا فَٱرۡجِعۡنَا نَعۡمَلۡ صَٰلِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} (12)

شرح الكلمات :

{ إذ المجرمون } : أي المشركون المكذبون بلقاء ربهم .

{ ناكسو رؤوسهم } : أي مطأطئوها من الحياء والذل والخزي .

{ ربنا أبصرنا } : أي ما كنا ننكر من البعث .

{ وسمعنا } : أي تصديق ما كانت رسلك تأمرنا به في الدنيا .

{ فارجعنا } : أي إلى دار الدنيا .

المعنى :

ما زال السياق الكريم في تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر أحداثها وما يجري للمكذبين بها في الدار الآخرة قال تعالى : { ولو ترى } يا رسولنا { إذ المجرمون } وهم الذين أجرموا على أنفسهم فدنسوها بالشرك والمعاصي الحامل عليها التكذيب بلقاء الله ، { ناكسو رؤوسهم } أي مطأطئوها خافضوها عند ربهم من الحياء والخزي الذي أصابهم عند البعث . لرأيت أمرا فظيعاً لا نظير له . وقوله تعالى { ربنا أبصرنا وسمعنا } هذا قول المجرمين وهم عند ربهم أي يا ربنا لقد أبصرنا ما كنا نكذب به من البعث والجزاء وسمعنا منك أي تصديق ما كانت رسلك تأمرنا به في الدنيا . { فأرجعنا } أي إلى دار الدنيا { نعمل صالحاً } أي عملا صالحا { إنا موقنون } أي الآن ولم يبق في نفوسنا شك بأنك الإِله الحق ، وبأن لقاءك حق .

الهداية :

من الهداية :

- التنديد بالإِجرام والمجرمين وبيان حالهم يوم القيامة .

- بيان عدم نفع الإِيمان عند معاينة العذاب .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلۡمُجۡرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ رَبَّنَآ أَبۡصَرۡنَا وَسَمِعۡنَا فَٱرۡجِعۡنَا نَعۡمَلۡ صَٰلِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ} (12)

قوله تعالى : " ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رؤوسهم عند ربهم " ابتداء وخبر . قال الزجاج : والمخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم مخاطبة لأمته . والمعنى : ولو ترى يا محمد منكري البعث يوم القيامة لرأيت العجب . ومذهب أبي العباس غير هذا ، وأن يكون المعنى : يا محمد ، قل للمجرم ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رؤوسهم عند ربهم لندمت على ما كان منك . " ناكسوا رؤوسهم " أي من الندم والخزي والحزن والذل والغم . " عند ربهم " أي عند محاسبة ربهم وجزاء أعمالهم . " ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون " " ربنا " أي يقولون ربنا . " أبصرنا " أي أبصرنا ما كنا نكذب . " وسمعنا " ما كنا ننكر . وقيل : " أبصرنا " صدق وعيدك . " وسمعنا " تصديق رسلك . أبصروا حين لا ينفعهم البصر ، وسمعوا حين لا ينفعهم السمع . " فأرجعنا " أي إلى الدنيا . " نعمل صالحا إنا موقنون " أي مصدقون بالبعث . قاله النقاش . وقيل : مصدقون بالذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم أنه حق . قاله يحيى بن سلام . قال سفيان الثوري : فأكذبهم الله تعالى : فقال : " ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون " {[12661]} . وقيل : معنى " إنا موقنون " أي قد زالت عنا الشكوك الآن ، وكانوا يسمعون ويبصرون في الدنيا ، ولكن لم يكونوا يتدبرون ، وكانوا كمن لا يبصر ولا يسمع ، فلما تنبهوا في الآخرة صاروا حينئذ كأنهم سمعوا وأبصروا . وقيل : أي ربنا لك الحجة ، فقد أبصرنا رسلك وعجائب خلقك في الدنيا ، وسمعنا كلامهم فلا حجة لنا . فهذا اعتراف منهم ، ثم طلبوا أن يردوا إلى الدنيا ليؤمنوا .


[12661]:راجع ج 6 ص 409 فما بعد.