{ إذ المجرمون } : أي المشركون المكذبون بلقاء ربهم .
{ ناكسو رؤوسهم } : أي مطأطئوها من الحياء والذل والخزي .
{ ربنا أبصرنا } : أي ما كنا ننكر من البعث .
{ وسمعنا } : أي تصديق ما كانت رسلك تأمرنا به في الدنيا .
{ فارجعنا } : أي إلى دار الدنيا .
ما زال السياق الكريم في تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر أحداثها وما يجري للمكذبين بها في الدار الآخرة قال تعالى : { ولو ترى } يا رسولنا { إذ المجرمون } وهم الذين أجرموا على أنفسهم فدنسوها بالشرك والمعاصي الحامل عليها التكذيب بلقاء الله ، { ناكسو رؤوسهم } أي مطأطئوها خافضوها عند ربهم من الحياء والخزي الذي أصابهم عند البعث . لرأيت أمرا فظيعاً لا نظير له . وقوله تعالى { ربنا أبصرنا وسمعنا } هذا قول المجرمين وهم عند ربهم أي يا ربنا لقد أبصرنا ما كنا نكذب به من البعث والجزاء وسمعنا منك أي تصديق ما كانت رسلك تأمرنا به في الدنيا . { فأرجعنا } أي إلى دار الدنيا { نعمل صالحاً } أي عملا صالحا { إنا موقنون } أي الآن ولم يبق في نفوسنا شك بأنك الإِله الحق ، وبأن لقاءك حق .
قوله تعالى : " ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رؤوسهم عند ربهم " ابتداء وخبر . قال الزجاج : والمخاطبة للنبي صلى الله عليه وسلم مخاطبة لأمته . والمعنى : ولو ترى يا محمد منكري البعث يوم القيامة لرأيت العجب . ومذهب أبي العباس غير هذا ، وأن يكون المعنى : يا محمد ، قل للمجرم ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رؤوسهم عند ربهم لندمت على ما كان منك . " ناكسوا رؤوسهم " أي من الندم والخزي والحزن والذل والغم . " عند ربهم " أي عند محاسبة ربهم وجزاء أعمالهم . " ربنا أبصرنا وسمعنا فارجعنا نعمل صالحا إنا موقنون " " ربنا " أي يقولون ربنا . " أبصرنا " أي أبصرنا ما كنا نكذب . " وسمعنا " ما كنا ننكر . وقيل : " أبصرنا " صدق وعيدك . " وسمعنا " تصديق رسلك . أبصروا حين لا ينفعهم البصر ، وسمعوا حين لا ينفعهم السمع . " فأرجعنا " أي إلى الدنيا . " نعمل صالحا إنا موقنون " أي مصدقون بالبعث . قاله النقاش . وقيل : مصدقون بالذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم أنه حق . قاله يحيى بن سلام . قال سفيان الثوري : فأكذبهم الله تعالى : فقال : " ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون " {[12661]} . وقيل : معنى " إنا موقنون " أي قد زالت عنا الشكوك الآن ، وكانوا يسمعون ويبصرون في الدنيا ، ولكن لم يكونوا يتدبرون ، وكانوا كمن لا يبصر ولا يسمع ، فلما تنبهوا في الآخرة صاروا حينئذ كأنهم سمعوا وأبصروا . وقيل : أي ربنا لك الحجة ، فقد أبصرنا رسلك وعجائب خلقك في الدنيا ، وسمعنا كلامهم فلا حجة لنا . فهذا اعتراف منهم ، ثم طلبوا أن يردوا إلى الدنيا ليؤمنوا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.